والإذعان به وإن كان في التوصليات لا يخلو من إشكال لأنّ المطلوب فيه، هو نفس العمل، والمفروض أنّ القاطع يقوم به لكنّه في التعبّديات والقربيات، التي يعتبر فيها قصد الأمر، أو كون الإتيان بها لوجه اللّه بمكان من الإمكان، فلايقبل امتثال أمر أو نهي قربي إلاّ إذا وصل إليه المكلف من الطرق المسوّغة لاالممنوعة.
ثمّ إنّ المحقق النائيني ذهب إلى جواز التقييد بوجه آخر، وحاصل ما أفاده: أنّ العلم بالحكم لما كان من الإنقسامات اللاحقة للحكم فلا يمكن فيه التقييد لاستلزامه الدور، وإذا امتنع التقييد امتنع الإطلاق أيضاً لأنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد تقابل العدم والملكة.
ومن جانب آخر: أنّ الإهمال الثبوتي لا يعقل بل لابدّ إمّا من نتيجة الإطلاق أو من نتيجة التقييد، فإنّ الملاك الذي اقتضى تشريع الحكم إمّا أن يكون محفوظاً في كلتا حالتي الجهل والعلم فلابدّ من نتيجة الإطلاق، وإمّا أن يكن محفوظاً في حالة العلم فقط فلابدّ من نتيجة التقييد، وحيث لم يمكن أن يكون الجعل الأوّلي متكفّلاً لبيان ذلك، فلابدّ من جعل آخر يستفاد منه نتيجة الإطلاق والتقييد وهو المصطلح عليه بـ : متمّم الجعل، فاستكشاف كلّ من نتيجة الإطلاق والتقييد يكون من دليل آخر، وقد ادّعى تواتر الأدلّة على اشتراك الأحكام في حقّ العالم والجاهل وأنّ الحكم مطلق في حق العالم والجاهل ولكن تلك الأدلّة قابلة للتخصيص وقد خصّصت في غير مورد كما في مورد الجهر والإخفات والقصر والإتمام [ 1 ].
وبذلك يمكن أن توجّه مقالة الاخباريين بأنّ يقال: إنّ الأحكام الواقعية قيّدت بنتيجة التقييد إذا أدّى إليها الكتاب والسنّة.