قال سبحانه: (إنّ اللّهَ يُدافِعُ عَن الّذِينَ آمَنُوا...) (الحج/39) أي يحفظهم عن أن يتوجه إليهم شرّ الأعداء. وقال تعالى: (إنّ عَذْابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ * ما لَهُ مِنْ دافِع) (الطور/7ـ8) أي ما له من دافع من وقوعه وتحققه . وقال سبحانه: (وَلَيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوا قاتِلُوا في سَبيلِ اللّهِ أو ادفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لاتَّبَعْناكُمْ هُمْ لِلْكُفرِ يَؤمَئِذ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإيمان يَقُولُونَ بأَفواهِهِم ما لَيسَ في قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعلَمُ بِما يَكْتُمُونَ) (آل عمران/167) أي حاربوا وخاضوا في معارك الحرب، أو انضمّوا إلى المؤمنين وادفعوا عن بلدكم وأنفسكم ومن أعطيتم العهد بالدفاع عنهم.
فقد استعمل الدفع في هذه الآيات بالمعنى الذي عرفت. أي المنع عن تأثّر المقتضي حتى لا يتحقق المقتضى (بالفتح) من رأس.
وأمّا الرفع فقال في اللسان: هو ضدّ الوضع، يقال: رفعته فارتفع فهو نقيض انخفض في كل شيء.
ثم إنّ رفع كل شيء بحسبه، فإن تعلّق بالأجسام فهو مرادف العلو، قال سبحانه: (والسَّماءَ رَفَعَها ووَضَـعَ الميزانَ) (الرحمن/6) وإن تعلّق بالتكليف أو بالمؤاخذة والضرائب فيرادف ارتفاعه بعد وجوده. وعلى كلّ تقدير، فهو يتعلّق بالشيء بعد وجوده وتحقّقه، لا قبله، بخلاف الدفع. ويعلم ذلك مضافاً إلى الارتكاز، من تتبّع موارد استعماله في القرآن الكريم مثل قوله سبحانه في الرفع الحسّـي: (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَـى العَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً) (يوسف/100) وقوله تعالى: (اللّهُ الَّذي رَفَعَ السَّمواتِ بِغَيرِ عَمَد تَرَوْنَها) (الرعد/2) . وفي المعنوي قوله سبحانه: (يَرْفَعِ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ والَّذِينَ أُوتُوا العِلمَ دَرَجات) (المجادلة/12) وقوله:(مِنْهُم مَن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجات)(البقرة/253).
ثم إنّ الرفع إن استعمل مجرَّداً عن حرف الجرّ، فالمراد هو رفعه مع الاعتداد