وعلى ذلك فالقاعدتان بما أنّهما متضمّنتان لأحكام شرعية عامة، قواعد فقهية، لا أُصولية، وهذا بخلاف الأُصول الأربعة.
وقد ذكر في الكفاية وجهاً آخر لعدم عدّهما من المسائل الأُصولية وهو:
عدم جريانهما في جميع الأبواب.
يلاحظ عليه: أنّه لا دليل على هذا الشرط بل الدليل على خلافه، فإنّ بعض المسائل الأُصولية تختص ببعض الأبواب، كدلالة النهي على الفساد في العبادات والمعاملات، فلا يعمّ أبواب المرافعات والسياسات كما لا يخفى.
فإن قلت: لو صحّت تلك الضابطة فما معنى تقسيم الأُصول إلى شرعية وعقلية، إذ ليس معنى ذلك إلاّ أنّ الأصل المتضمّن للحكم الشرعي، شرعي، وغيره عقلي.
قلت: إنّ ذلك التقسيم باعتبار مصدر الأصل وأنَّ مدركه هل هو الدليل الشرعي من الكتاب والسنَّة، أو غيره من الدلائل العقلية، لا باعتبار المضمون كما لا يخفى.
الثالث: إنّ الأُصول العملية الشرعية الدالّة على الوظائف في ظرف الشك، تسمّى أدلّة فقاهية، كما أنّ الأدلّة الدالّة على الحكم الشرعي في نفس الأمر تسمّى أدلّة اجتهادية، وليس الاصطلاحان، أمرين إرتجاليين، بل لمناسبة موجودة في تعريفي الفقه والاجتهاد، تفطّن بها المحقّق البهبهاني.
فقد عرَّفوا الفقه بأنّه العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلّتها التفصيلية، وليس المراد من الأحكام هي الأحكام الواقعية، لعدم تعلّق العلم بها دائماً، فتعيّـنأن يكون المراد منها هي الظاهرية الموجودة في مواضع الأُصول العملية، فناسبأن يسمّى ما دلّ على الأحكام الظاهرية التي يتعلّق بها العلم، بالأدلّة الفقاهية.
وعرَّفوا الاجتهاد باستفراغ الوسع لتحصيل الظن بالحكم الشرعي، ومن