أمّا الأوّل فالحمل هو الطريق الوحيد لرفع التنافي لأنّه إذا وجب عتق الرقبة، وحرم عتق الكافرة منها، فلا يرتفع التنافي إلاّ بالحمل ولا يصحّ حمل النهي على التنزيهي لكونه خلاف الفرض واحتمال وجود تكليفين مستقلّين أحدهما متعلّق بعتق مطلق الرقبة والنهي عن خصوص الكافرة أيضاً منتف لاستلزامه التناقض في التشريع.
أمّا الثاني: أي إذا أحرزنا كون النهي تنزيهياً كما إذا قال: صلّ ولا تصلّ في الحمام، فلا مجال للحمل لعدم التنافي بين الحكمين لأنّ الثاني حينما ينهى، يرخص في الإتيان أيضاً. فيكون مآل النهي إلى أنّ الصلاة في الحمام راجحة ذاتاً ولكنّها بالنسبة إلى الصلاة في البيت والمسجد مرجوحة أوأقلّ ثواباً.
وأمّا الثالث: أي إذا لم يحرز أنّ النهي تحريمي أو تنزيهي فللتوقّف فيه مجال، لأنّ كلاً من الإطلاق وظهور النهي في التحريم يصلح لأن يكون بياناً للآخر، فالأخذ بالإطلاق أي جواز الصلاة في تمام الأمكنة يقتضي التصرّف في النهي، وحمله على التنزيه والكراهة بالمعنى المذكور، كما أنّ الأخذ بظهور النهي في التحريم وأنّ إقامتها في الحمام حرام، يستدعي التصرّف في الإطلاق وحمله على غير الحمام.
و مع ذلك كلّه فالتصرّف في الإطلاق أقرب إلى الذهن من التصرّف في ظهور النهي في التحريم وذلك لما مرّ من أنّهما وردا في ظرف التشريع، والرائج هناك فصل المقيّد عن المطلق وذلك يوجب أقربية ذلك التصرّف بالنسبة إلى الآخر.