إذا ورد عام وخاص، ودار الأمر بين كون الخاص مخصّصاً، أو ناسخاً أو كونه منسوخاً، فهناك صور تختلف أحكامها. وقبل الخوض في بيانها وأحكامها نشير إلى أُمور:
الأوّل:
النسخ في اللغة الإزالة، وفي الاصطلاح رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخّر على وجه لولاه لكان ثابتاً.
وبذلك يُعلم أنّ النسخ تخصيص في الأزمان أي هناك مانع عن استمرار الحكم لا عن أصل ثبوته. ولنذكر مثالاً. قال سبحانه:(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْويكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (المجادلة/12) فرض اللّه سبحانه على المؤمنين إذا أرادوا مناجاة الرسول أن يقدِّموا قبلها صدقة (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحيمٌ): يستر عليكم تركَ ذلك.
قال المفسرون فلمّا نُهوا عن المناجاة حتى يتصدّقوا، ضنّ كثير من الناس فكفّوا عن المسألة فلم يناجه إلاّ علي بن أبي طالب، ثمّ نسخت الآية بما بعدها قال سبحانه: (أ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْويكُمْ صَدَقات فَإِذ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللّهُ عَلَيْكُمْ)أي لمّا بخلتم وخفتم الفاقة بالصدقة بين يدي نجواكم ، تاب اللّه على تقصيركم فيه.