وبعبارة ثالثة: إنّ الفرق بين سنخ الحكم وشخصه، يشبه الفرق بين الكلي وصنفه، أو الكلي ومصداقه، فانّ لكلّ من الصنف والمصداق تعيّنات لا توجد في الكلي، وعليه وجوب الإكرام العاري عن كلّ قيد، سنخ الحكم، والمقيّد بحالة التسليم شخصه.
فعند ذلك يصحّ ما يقال من أنّ المنتفي في باب المفهوم إنّما هو سنخ الحكم لا شخصه فإنّ شخص الحكم مرتفع بارتفاع ما علّق عليه، سواء أقلنا بالمفهوم أم لم نقل إذ الوجوب المتعلّق بالإكرام المتعيّن بالتسليم، مرتفع قطعاً بارتفاع الموضوع أو قيد من قيوده، أعني: التسليم و إن لم نقل بالمفهوم، لارتفاع الصنف بارتفاع قيده أو المصداق بارتفاع مشخّصاته.
و مع ذلك يبقى الكلام في ارتفاع سنخ الحكم أعني وجوب الإكرام على وجه الإطلاق غير المقيّد بالتسليم وعدمه، فلو كانت العلّة منحصرة لكان منتفياً لارتفاع المعلول بارتفاع علّته، ولو لم تكن منحصرة اقتضى وجود الحكم الكلي في ضمن صنف أو مصداق آخر وهو وجوب الإكرام المقيّد بالإحسان مكان التسليم.
وبذلك يظهر أنّ النزاع في وجود المفهوم وعدمه إنّما يتمّ إذا أمكن أن يكون للحكم المنشأ على موضوع مشروط أو موصوف صنفان أو مصداقان أحدهما مقيّد بالشرط أو الوصف، والآخر غير مقيّد بهما.
وأمّا إذا انحصر الكلي في صنف أو مصداق واحد، ولم يكن له فرد آخر، فالبحث عن وجود المفهوم وعدمه غير جار هذا كالمال الخارجي المعيّـن، فإذا صار وقفاً أو نذراً أو وصيّة فقد صار ملكاً أو متعلّقاً لهذه الموارد فليست هناك ملكية أُخرى حتّى تنتفي عن غير تلك الموارد، فإذا قال: وقفت مالي على أولادي