هذا ويمكن القول بالمفهوم ـ وراء هذا المورد ـ إذا كان بصدد بيان ما للجزاء من أسباب إذا كان الشرط من قبيل الضدين اللّذين لا ثالث لهما كما إذا قال: إذا سافرت فقصّـر ، أو إذا استطعت فحجّ. والإنسان لا يخلو عن أحد أمرين:السفر والحضر، الاستطاعة وعدمها فلو لم يكن للقضية مفهوم، يلزم لغوية الشرط. والدلالة عندئذ عقلية لا لفظية.
وينبغي التنبيه على أُمور:
الأوّل:
المنفي بالمفهوم هو سنخ الحكم ونوعه، لا شخص الحكم وجزئيّه.
إذا قلنا: زيد ـ إن سلّم ـ أكرمه، فهناك حكمان:
1ـ حكم شخصي محمول على زيد في ظرف التسليم.
2ـ حكم نوعي قابل للحمل على زيد عند احتمال قيام شرط آخر، مكانه ، كإحسانه، أمّا الأوّل فهو ينتفي بانتفاء قيده ـ وهو التسليم ـ وأمّا الثاني، أي الوجوب الجامع الموجود عند كلا الشرطين تسليمه وإحسانه، فهو منفي بالمفهوم، فلو ثبت الوجوب عند إحسانه يكون منافياً للمفهوم ومرفوضاً به.
مثال آخر: إذا ورد: الماء ـ إذا بلغ قدر كرّ ـ لم ينجّسه شيء، فـالعاصمية المعبّر عنها في الرواية بـ «لم ينجّسه» تتصوّر على وجهين:
1ـ العاصمية في ظرف الكرّية،2ـ العاصمية عند رفع الكرّية وقيام شرط آخر مقامها، ككونه نابعاً، فالمفهوم إنّما ينفي العاصمية الثانية لا الأُولى، فلو ثبت العاصمية لماء المطر وإن لم يكن كرّاً أو للنابع من الأرض وإن لم يكن كذلك، يقع التعارض بين المفهوم والمنطوق، فيعالج على النحو المذكور في محلّه.
وإن شئت قلت: فإذا قيّد الموضوع بحالة خاصّة وهو التسليم، طرأ على الحكم من ناحية التعليق تعيّن وتشخّص، به يتميّز عن طبيعة الحكم الكلي الذي