قدعرفت أنّ ثمرة القول باقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه الخاص تظهر في مقامين:
الأوّل: فيما إذا كان أحد الواجبين مضيّقاً والآخر موسّعاً، كإزالة النجاسة عن المسجد، والصلاة في الوقت الموسّع.
الثاني: فيما إذا كانا مضيّقين، كالإزالة والصلاة في آخر الوقت، مع عدم وفاء القدرة إلاّ بأحدهما لضيق الوقت.
ثمّ إنّا لوصحّحنا العبادة عن طريق الملاك، فلا فرق بين المقامين، لوجود الملاك فيهما وكفايته.
وأمّا لو صححنا العبادة بالأمر بالطبيعة، وإن لم يكن الفرد المذكور مأموراً به، فلا يجري هذا الجواب إلاّ في المقام الأوّل، أعني فيما إذا كانت للطبيعة أفراد غير مزاحمة، لا في المقام الثاني، فانّ بقاء الأمر على الطبيعة حينئذ، يستلزم طلب الضدّين.
ولأجل ذلك صار جمع من أجلّة الأُصوليين إلى تصحيح طلب الضدّين، بأمرين مترتبين: أمر بالأهم على وجه الإطلاق، وأمر بالمهمّ مقيّداً بالعصيان أو بالعزم عليه. وهو ما عُرف بمسألة الترتّب.