ثمّ إنّ المحقّق الخراساني احتمل في هذه الصورة الأخيرة، صدق الامتثال أيضاً، وعلى هذا لو قيل باعتبار قصد الامتثال في صحّة العبادة و عدم كفاية الإتيان بمجرّد المحبوبية تصحّ الصلاة و ذلك ببيانين:
الأوّل: إنّ العقل لا يرى تفاوتاً بين هذا الفرد و سائر الأفراد في الوفاء بالغرض. فالمجمع ـ حينئذ ـ مصداق للطبيعة بما هي هي، وإن لم تعمّه بما هي مأمور بها، لكنّه لوجود المانع لا لعدم المقتضي. فيكفي الإتيان بالفرد بنيّة الأمر بالطبيعة، و إن كان شخص هذا الفرد فاقداً للأمر، للابتلاء بالمزاحم.
الثاني: إنّ عدم انطباق الطبيعة المأمور بها على هذا الفرد مبنيّ على تزاحم جهات المصالح و المفاسد في مقام تأثيرها في الأحكام الواقعية فحيث كانت جهة الحرمة أقوى من جهة الوجوب في الواقع، فلا محالة كان ملاك الأوّل هو المؤثر. وأمّا لو قلنا بعدم المزاحمة بين تلك الجهات في الواقع، و إنّما المزاحمة إنّما هي بين الجهات في مقام فعلية الأحكام، لكان المجمع مصداقاً للطبيعة المأمور بها، وذلك لأنّ المؤثر من الملاكات هو ملاك الأمر لكونه الواصل دون ملاك النهي لكونه غير واصل، كما لا يخفى.[ 1 ]
يلاحظ عليه:
أنّ ما ذكره أوّلاً، هو نفس ما أفاده المحقّق الثاني رحمه اللّه في بحث الترتّب، في الإتيان بالفرد المزاحم، بالأمر المتوجّه إلى الطبيعة. و هو إنّما يكفي مع العلم بعدم الفرق بينه و بين سائر الأفراد، و هو في مثل الأهم و المهم المتمائزين وجوداً، أمر محرز، لأنّ العلم الضروري حاصل بأنّه لا فرق بين الصلاة المبتلاة بالمزاحم ـ كلزوم إزالة النجاسة ـ وغير المبتلاة به إلاّ من جهة اقتران إحداهما بالمانع دون الأُخرى.
[1]لاحظ كفاية الأُصول: 1/247، ط المشكيني.