وأمّا الثانية: فلو كان خروجه عن الجادة قليلاً بحيث لا يعدُّ جزء للسفر، كأن يدخل البستان الواقع على حاشية الجادة ويتصرف فيه عدواناً، ويخرج فيقصر لكون السفر سفراً مباحاً ولا يضرّ الخروج القليل المحرّم لوحدتها.
و لو خرج عن الجادة وسار مسافة كثيرة وعدّ سيره حاشيتها جزءاً من سفره، فيقع الكلام في حكم صلاته مادام خارجاً عن الجادة ذهاباً وإياباً، وفي حكمها بعد الرجوع إلى الجادة إلى وصول المقصد.
أمّا حكم صلاته في خارج الجادة فإن كان ما قطعه بنية سائغة أقلَّ من المسافة الشرعية فيتمُّ في الحاشية قطعاً، وأمّا إذا كان ما قطعه مسافة شرعية ثمّ عدل إلى النيّة الجديدة فقد عرفت أنّ الشيخ الأعظم تأمّل في الحكم بالتمام في حاشيته على «نجاة العباد»، بتصور أنّه تحقّق الموضوع الشرعي، بسير ثمانية فراسخ سائغة وصار المسافر محكوماً بالقصر مطلقاً وإن رجع بعده إلى المعصية، وبعبارة أنّ الطاعة قيد للموضوع لا للحكم والمفروض أنّه قد تحقّق، ولحوق السير بنيّة العصيان به لا يضرّ تحقّقه المقتضي للحكم بالقصر مطلقاً، سار على نيّة الطاعة أم على نيّة العصيان، نعم لو كان القيد، قيداً للحكم، يجب عليه التمام.
يلاحظ عليه: الظاهر أنّه قيد للسير سواء كان على حدّ المسافة أو أوسع منها، وذلك لأنّه هدية للمطيع بسيره لا للعاصي به، فلازم ذلك كونه معتبراً ابتداء واستدامة، فالأشبه هو ما في العروة من قوله: «فما دام خارجاً عن الجادة يتم».