قلت
: هذا ما ذكره شيخنا الأُستاذ ـ مدّ ظله ـ في الدورة السابقة ـ لكن عدل عنه في هذه
الدورة بما هذا حاصله : انّ ظاهر الروايات ، عدم الفصل بين الصلاة وهذه الآثار
وانّها مترتبة عليها بلا ترتيب ، خرجنا عنه في مورد قصد القربة لأنّها روح العبادة
ومقومها ، فالصلاة مع هذا الجزء علة تامة لهذه الآثار ، بخلاف الأعمّ من الصحيح
والفاسد ، فهي ليست علة تامة حتى مع هذا الجزء ، بل يتوقف على انضمام أجزاء أُخرى
إليها ، والروايات المبينة للآثار ، منصرفة عن هذا النوع من العبادة.
نعم يرد على الاستدلال بالقسم الثاني من
الروايات أنّ هذه التراكيب وإن كانت مستعملة في نفي الحقيقة حتى في نوعه « لا صلاة
لجار المسجد إلاّ في المسجد » [١]
، وقوله : « يا أشباه الرجال ولا رجال » [٢]
لكن فرق بين نفي الحقيقة حقيقة وبين نفي الحقيقة مبالغة وعناية ، وهذه التراكيب
كثيرة الاستعمال في نفي الحقيقة مبالغة وعناية مثل قوله : « لا رضاع بعد فطام » [٣] ، و « لا رهبانية في الإسلام ». [٤]
ومع هذه الكثرة فلا تصلح تلك الأخبار
للاستدلال ، لأنّ كثرة الاستعمال إذا صارت إلى حدّ وافر ، تزاحم ظهور اللفظ في نفي
الحقيقة حقيقة كما في قوله : « لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب » كما هو أساس
الاستدلال. ولم يفرق المستدل بين نفي الحقيقة حقيقة ، ونفيها ادّعاءً ومبالغة.
[١] التهذيب للشيخ
الطوسي : ٣ / ٢٦١ ، باب فضل المساجد والصلاة فيها ، الحديث ٥٥ ؛ الوسائل : ٣ ،
الباب ٢ من أبواب أحكام المساجد ، الحديث ١ ، ورواه الدارقطني في سننه : ١ / ٤٢٠.