و أمّا ما عن بعض الأساتذة: من أنّ الحاكم ينوي فيه التقرّب لنفسه و بفعله، و مع ذلك يسقط التكليف عن الأصيل و إن لم يتقرّب بعدُ، و هذا المقدار من القرب من اللّه سبحانه لنفسه مجز و مسقط للتكليف، فمورد نظر، إذ ما ذكره ليس بأولى ممّا ذكرناه من سقوط قصد القربة عند أخذ الزكاة من الممتنع و الكافر، على أنّ عمل الحاكم في المقام مثل سائر أعماله كإجراء الحدود، و سدّ الثغور، و رفع عيلة الناس، لا يعتبر فيها سوى إجراء أحكامه سبحانه، و لا يجب عليه قصد التقرّب بأعماله.
فإن قلت: رُوي صحيحاً عن أحدهما 8: «إذا وجد الرجل هدياً ضالًا فليعرّفه يوم النحر و الثاني و الثالث، ثمّ ليذبحها عن صاحبها عشية الثالث». ( [2])
فالظاهر من الرواية أنّه تجزي نيّة الذابح، دون حاجة إلى نية المالك.
قلت: الظاهر أنّ العبرة فيه بنيّة المالك أيضاً، لأنّ مقتضى شراء الهدي، للذبح في منى، كون النية مخزونة في نفسه حتّى بعد ما ضل، فتقارن النية المذكورة مع ذبح الواجد للهدي عن صاحبه، يوجب الإجزاء، لأنّ ما يرجع إلى الجوانح مخزون في نفس المالك، و ما يرجع إلى الجوارح قائم بالواجد.
فيحصل ممّا ذكرنا أنّ مقتضى القاعدة، أنّ العبرة بنيّة الموكل فيما يرجع إليه.
و أمّا الروايات فلا إشارة فيها إلى أحد الأمرين و أنّ مفاد الجميع، هو جواز التوكيل في أمر الذبح، و لنذكر بعضها، و هي على أقسام:
1. ما دلّ على أنّ اليهودي و النصراني ليس لهما تولّي الذبح. روى الحلبي،