أقول: لمّا كان الإحرام من الأمور القلبية قائما بالنيّة و كان الارتداد أثناء الإحرام يوجب زوالها و بطلان الجزء المقارن له، نظير الارتداد في أثناء الصوم، صار بعضهم لبيان الفرق بين الأمرين بالبيان التالي:
1. تارة يكون الزمان داخلا في مفهوم الواجب كالصوم، فانّه عبارة عن الإمساك المقرون بالنيّة من الفجر إلى المغرب، فلو نوى الإفطار و لو لحظة يبطل صومه، إذ الواجب عليه الإمساك من الفجر ممتدا إلى المغرب، و لو نقض نيّته و لو في آن يبطل صومه.
2. لا يكون الزمان داخلا في مفهومه و لكن يشترط فيه الاتصال بأن يكون من أوّل الصلاة إلى آخرها في حالة الصلاة و لا يكون خارجا عنها.
3. ما لا يكون الزمان داخلا في مفهومه، و لا يعتبر فيه الاتصال بالمعنى الذي عرفت، و هذا كالغسل فالزمان ليس مقوّما له و لا يعتبر فيه الاتصال بأن يكون الإنسان من بدء العمل إلى آخره مشغولا بالعمل، بل ربّما يتخلل بين أجزاء العمل شيء غيرها، فالعمل يكون صحيحا ما لم يحصل مبطل خارجي.
و الإحرام من قبيل القسم الثالث، و لذلك لا يضره، إذ حصل الارتداد بين الإسلامين، و معه يعلم حال الارتداد أثناء الغسل إذا تاب بعده أو أثناء الأذان و الوضوء إذا تاب بعدهما بشرط عدم فوت الموالاة.
و ألحق المصنف بما ذكر الارتداد في أثناء الصلاة إذا تاب بعد الارتداد، بناء على عدم كون الهيئة الاتصالية جزءا للصلاة. [2]
أقول: إنّ قياس الإحرام بالغسل قياس مع الفارق، لأنّ الإحرام أمر قلبي