responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نظرية المعرفة (المدخل إلى العلم والفلسفة والالهيات) نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر    جلد : 1  صفحه : 288

ومن جانب آخر، إنّ إدراك شيء وتصوره لا يجتمع مع التغيّر والسيلان، لأنّ أسهل التعابير الّتي ذكرت لحقيقة العلم، مثل قولهم: «هو الوقوف على الشيء بإدراك صورة منه»، أو قولهم: «هو انتزاع صورة من الموجود الخارجي بالأجهزة المناسبة»، أو غير ذلك من التعاريف، تعرب عن أنّ حقيقة الإدراك يمتنع أن تكون سيّالة متغيّرة، فإنّ الوقوف على الشيء يستدعي نحو ثبات للمعلوم ونحو قرار له.

وبإمكانك صبُّ البرهان في قالب الإصطلاح، فتقول:

حيثية العلم غير حيثية التغيّر والسيلان، ويستنتج منه تغاير سنخ وجود العلم مع سنخ وجود المادة.

وإنْ صَعُبَ عليك هذا البيان فاستغن عنه بالبيان التالي في مجال التذكر:

لاشك أنّ الإنسان أليف النسيان، ينسى ما عرفه أولاً، ثم يسترجعه في فترات معينة ثانية. وليس الإسترجاع إلاّ تذكر ما غاب عنه، وبعبارة أدقّ ; إعادة عين ما كان واقفاً عليه في سالف الزمان، بحيث لا يجد فرقاً بين المُدْرَكَينْ.

فعملية الإستذكار الّتي يمارسها كلٌّ منّا في يومه وليله، دليل واضح على أنّ للصور العلمية ثباتاً وبقاءً، ولولاه لما أعدنا واستحضرنا عين ما وَعَيْناه سابقاً.

والآن نقول: لو كانت حقيقة العلوم، نفس الآثار المادية البارزة في الأدمغة البشرية، لماكان للتذكر مفهوم صحيح، خصوصاً إذا طالت المدة بين الإدراكين. ومن المعلوم والثابت في العلوم البيولوجية أنّ الخلايا تموت وتتبدل بغيرها بشكل دائم ومستمر، بل أثبت العلماء أنّ بدن الإنسان يتبدل كليّاً كل عشر سنين، فتنعدم الخلايا السابقة بأسرها وتحلّ محلها خلايا جديدة.

فلو كانت إدراكات الإنسان وعلومه متمركزة في هاتيك الأعصاب والأجهزة الدماغية، لما كان للتذكر واسترجاع عين الإدراكات، حقيقةٌ بعد فناء الأجهزة الدماغية وحلول غيرها مكانها. ويكون موقف التذكر عندئذ، موقف العلم الجديد الّذي لم يقف عليه الإنسان بعد.

إنّ القائل بمادية المعرفة لا يقدر على حلّ مشكلة عدم اجتماع العلم والإدراك

نام کتاب : نظرية المعرفة (المدخل إلى العلم والفلسفة والالهيات) نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر    جلد : 1  صفحه : 288
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست