خلافاً للشيخ [1] وابن زهرة [2]، حيث أطلقا سقوط الحدّ بالرجوع وإن كان يحتمل إرادتهما- خصوصاً الشيخ- الرجوع قبل كمال ما يعتبر من المرات بالإقرار [3]. نعم، استثني من الحدود الرجم، فإنّه لو أقرّ بما يوجبه ثمّ أنكره، سقط الرجم [4]، وهو المشهور [5] بل ادّعي عدم الخلاف فيه [6]، بل ظاهر بعضهم دعوى الإجماع عليه [7]؛ للروايات التي منها: خبر محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «من أقرّ على نفسه بحدّ أقمته عليه إلّاالرجم، فإنّه إذا أقرّ على نفسه ثمّ جحد، لم يرجم» [8].
ووقع الكلام في إلحاق الإقرار بالقتل بالرجم فاستشكل فيه بعضهم؛ لخروجه عن النص، وقوّاه آخرون [9]؛ للاحتياط في الدماء، وبناء الحدّ على التخفيف، ولمنع اختصاص النصّ بالرجم، ففي مرسل جميل عن أحدهما عليهما السلام أنّه قال:
«إذا أقرّ الرجل على نفسه بالقتل قتل إذا لم يكن عليه شهود، فإن رجع وقال: لم أفعل، ترك ولم يقتل» [10].
(انظر: إقرار)
4- الإقرار بعد الإنكار:
الإقرار بعد الإنكار يبطل الإنكار ويلزم المنكر الحقّ [11]، فلو حلف المنكر على نفي الدعوى وإنكارها، ثمّ أكذب نفسه وأقرّ بالحقّ للمدّعي، جاز له المطالبة بالحقّ وحلّت له المقاصّة مع امتناع المقرّ عن التسليم [12]، كما ذهب إليه المشهور [13]، بل نفى بعضهم عنه
[1] الخلاف 5: 378، م 17. [2] الغنية: 424. [3] انظر: جواهر الكلام 41: 293. [4] المبسوط 5: 337. الشرائع 4: 152. القواعد 3: 523. تحرير الوسيلة 2: 414، م 5. تقريرات الحدود والتعزيرات (الگلبايگاني) 1: 65. [5] جامع المدارك 7: 18. [6] الإيضاح 4: 473. الرياض 13: 433- 434. [7] الخلاف 5: 379، م 17. جواهر الكلام 41: 291. [8] الوسائل 28: 27، ب 12 من مقدّمات الحدود، ح 3. [9] الوسيلة: 410. الرياض 13: 435. جواهر الكلام 41: 292. [10] الوسائل 28: 27، ب 12 من مقدّمات الحدود، ح 4. [11] المقنعة: 733. النهاية: 340. السرائر 2: 159. بل فيالتحرير 5: 169: «لا خلاف أنّه لو اعترف المنكر بعد يمينه بالدعوى وندم على إنكاره، فإنّه يطالب وإن كان قد حلف». [12] الشرائع 4: 84. القواعد 3: 439. المسالك 13: 450. [13] فقه الصادق 25: 142.