مِنْ أُسْدِ خَفَّانَ شَدِيدِ السَّاعِدِ
يَنْصُرُ خَيْرَ رَاكِعٍ وَ سَاجِدٍ
مَنْ حَقُّهُ عِنْدِي كَحَقِّ الْوَالِدِ
ذَاكُمْ عَلِيٌّ كَاشِفُ الْأَوَابِدِ.
وَ اطَّعَنَا مَلِيّاً وَ مَضَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَ انْصَرَفَ جَارِيَةُ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لَا يَأْتِي عَلَى شَيْءٍ إِلَّا أَهْمَدَهُ وَ هُوَ يَقُولُ:
إِنِّي إِذَا مَا الْحَرْبُ فُرَّتْ عَنْ كِبَرْ
تَخَالُنِي أَخْزَرَ مِنْ غَيْرِ خَزَرْ
أُقْحِمُ وَ الْخَطِّيُّ فِي النَّقْعِ كَشَر
كَالْحَيَّةِ الصَّمَّاءِ فِي رَأْسِ الْحَجَرِ
أَحْمِلُ مَا حُمِّلْتُ مِنْ خَيْرٍ وَ شَرِّ.
فَغَمَّ ذَلِكَ عَلِيّاً وَ أَقْبَلَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِي خَيْلٍ مِنْ بَعْدِهِ فَقَالَ: أَقْحِمْ يَا ابْنَ سَيْفِ اللَّهِ فَإِنَّهُ الظَّفَرُ وَ أَقْبَلَ النَّاسُ عَلَى الْأَشْتَرِ فَقَالُوا: يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِكَ الْأُوَلِ وَ قَدْ بَلَغَ لِوَاءُ مُعَاوِيَةَ حَيْثُ تَرَى فَأَخَذَ الْأَشْتَرُ لِوَاءَهُ ثُمَّ حَمَلَ وَ هُوَ يَقُولُ:
إِنِّي أَنَا الْأَشْتَرُ مَعْرُوفُ الشَّتَرْ[1]
إِنِّي أَنَا الْأَفْعَى الْعِرَاقِيُّ الذَّكَرْ
لَسْتُ مِنَ الْحَيِّ رَبِيعٍ أَوْ مُضَرَ[2]
لَكِنَّنِي مِنْ مَذْحِجِ الْغُرِّ الْغُرَرِ.
فَضَارَبَ الْقَوْمَ حَتَّى رَدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ فَرَجَعَتْ خَيْلُ عَمْرٍو.
وَ قَالَ النَّجَاشِيُّ فِي ذَلِكَ:
رَأَيْتُ اللِّوَاءَ لِوَاءَ الْعُقَابِ[3]
يُقَحِّمُهُ الشَّانِئُ الْأَخْزَرُ
كَلَيْثِ الْعَرِينِ خِلَالَ الْعَجَاجِ
وَ أَقْبَلَ فِي خَيْلِهِ الْأَبْتَرُ
دَعَوْنَا لَهَا الْكَبْشَ كَبْشَ الْعِرَاقِ
وَ قَدْ خَالَطَ الْعَسْكَرَ الْعَسْكَرُ[4]
[1] الشتر: انقلاب جفن العين من أعلى و أسفل و تشنجه.
[2] ربيع: مرخم ربيعة لغير نداء. و في الأصل: «ربيعة و مضر» و لا يستقيم به الوزن. و الصواب ما أثبت من مروج الذهب (2: 21).
[3] ح (2: 285): «و لما رأينا اللواء العقاب».
[4] ح: «و قد أضمر الفشل العسكر».