هوذة بن علي و ثمامة بن أثال الحنفيين، و أنّهما لم يستجيبا له، و اشترط هوذة أن يجعل له بعض الأمر ليتّبعه، فقال صلّى اللّه عليه و آله: لا، و لا كرامة له، باد و باد ملكه، فلما رجع من فتح مكّة أخبره جبرئيل باستجابة دعائه بهلاكه. و قال في ثمامة: اللهم أمكني من ثمامة. فأمكنه اللّه منه بالأسر حتى أسلم و دعا من تبعه لذلك، قبل فتح مكة في منتصف الثامنة للهجرة.
و كان من تأليفه صلّى اللّه عليه و آله الامراء الى الإسلام أنّهم إن أسلموا سلموا و سلم لهم ما هم عليه من الإمرة، و إذ لم يكن إسلام ثمامة كذلك لم يذكر في المصادر الاولى عاملا له على اليمامة [1] .
و لعلّه لذلك لم يسلم بنو حنيفة على يديه بل وفدوا عليه صلّى اللّه عليه و آله الى المدينة، و معهم مسيلمة بن جيب. و تخلّف الرجل في رحالهم، فلما وفدوا عليه و أسلموا و أمر لهم بما كان يأمر به للوفود من العطاء، قالوا له: و قد خلّفنا في رحالنا و ركابنا صاحبا لنا يحفظها علينا. فقال لهم: أما إنّه ليس بشرّكم مكانا، و أمر له بمثل ما أمر لهم من العطاء.
فلما رجعوا و أخبروه بذلك و جاءوه بما أعطاه، كأنّه طمع فيما طمع من قبل هوذة بن علي أن يجعل له بعض الأمر أو نصفه ليتّبعه!فأتى رسول اللّه في جمع منهم يسترونه بالثياب، و رسول اللّه جالس في أصحابه معه جريدة من سعف النخل في رأسه بعض الخوص، فلما سأله ذلك قال له رسول اللّه: لو سألتني هذا القسيب (-الجريد) ما أعطيتكه!
و لكنّه مع ذلك لما رجع مع الوفد الى اليمامة قال لهم: أ لم يقل لكم حين ذكرتموني له: أما إنّه ليس بشرّكم مكانا؟!ما ذاك إلاّ لما كان يعلم أنّي قد أشركت معه في الأمر!ثم وضع عنهم الصلاة و أحلّ لهم الخمر و الزنا، و قال في
[1] اللهم إلاّ ما في المنتقى للكازروني، و عنه في بحار الأنوار 21: 413.