يكن حصرا عليه دون قومه من طيء بل كان كثير منهم مثله نصارى، و طبيعي أن لم يسلم كلهم معه بل بقي العديد منهم كذلك. فبعد ما شاهد عديّ بن حاتم و زيد بن المهلهل ذلك «التشديد التام في معاشرتهم و مخالطتهم و مساسهم و ولايتهم كان من الطبيعي أن لا تسكن نفوسهم من اضطراب لذلك» [1] و بالتأمّل في ذلك يظهر وجه متابعة الآية اللاحقة للسابقة: اَلْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ اَلطَّيِّبََاتُ وَ طَعََامُ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْكِتََابَ حِلٌّ لَكُمْ وَ طَعََامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَ اَلْمُحْصَنََاتُ مِنَ اَلْمُؤْمِنََاتِ وَ اَلْمُحْصَنََاتُ مِنَ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْكِتََابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذََا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسََافِحِينَ وَ لاََ مُتَّخِذِي أَخْدََانٍ وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمََانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَ هُوَ فِي اَلْآخِرَةِ مِنَ اَلْخََاسِرِينَ .
فبعد بيان حلّية مواكلتهم و محصناتهم أي عفيفاتهم بقيودها، حذّرهم أن لا يسترسلوا في ذلك بما يؤدي الى الكفر بالايمان فذلك يحبط العمل و يورث الخسران [2] . غ
و آية الوضوء:
كما أنّ المحرّمات من اللحوم في الآية الثالثة من السورة كانت تكريرا للمرة الثالثة تأكيدا، كذلك حكم الطهارات الثلاث: الوضوء و غسل الجنابة و التيمّم و بدلهما في الآية السادسة هنا تأكيد للآية المشابهة السابقة في سورة النساء (: 43) إلاّ أنّها أجملت الاشارة الى الوضوء و هنا فصّلت أفعاله:
... فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى اَلْمَرََافِقِ وَ اِمْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى اَلْكَعْبَيْنِ... و كان النبي صلّى اللّه عليه و آله يتخفّف أحيانا في مسح رجليه بمسح خفيّه،