الأنصاري: انه صلّى اللّه عليه و آله بعد ما عذر المنافقين و جميع المتخلّفين و كانوا نيّفا و ثمانين، نهى عن الكلام مع هؤلاء الثلاثة [1] و تقدم الى المسلمين بأن لا يكلّمهم أحد منهم.
فهجرهم الناس حتى الصبيان.
و جاءت نساؤهم الى رسول اللّه فقلن له: يا رسول اللّه نعتزلهم؟فقال: لا، و لكن لا يقربوكن [2] .
[2] التبيان 5: 316 و عنه في مجمع البيان 5: 120 و فصّله ابن اسحاق في السيرة 4: 178 عن الزهري عن عبد الرحمن عن أبيه عبد اللّه عن أبيه كعب بن مالك، قال: اجتنبنا الناس و تغيّروا لنا حتى تنكرت لي الأرض فما هي التي كنت أعرف!حتى مضت أربعون ليلة، إذ أتاني رسول من قبل رسول اللّه (خزيمة بن ثابت-الواقدي) فقال: انّ رسول اللّه يأمرك أن تعتزل امرأتك!فقلت: اطلّقها؟قال لا و لكن اعتزلها و لا تقربها، فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي اللّه في هذا الأمر ما هو قاض. هذا و أنا شاب.
و كان هلال بن أميّة شيخا كبيرا لا خادم له، فمضت امرأته الى رسول اللّه فقالت: يا رسول اللّه، إنّ هلال بن أميّة شيخ كبير لا خادم له أ فتكره أن أخدمه؟قال: لا و لكن لا يقربنك!قالت: يا رسول اللّه و اللّه ما به حركة الي، و اللّه ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان الى يومه هذا حتى تخوفت على بصره!
فلما أذن لامرأة هلال أن تخدمه قال لي بعض أهلي: لو استأذنت رسول اللّه لامرأتك أن تخدمك، فقد أذن لامرأة هلال أن تخدمه. فقلت: لا استأذنه فانّي لا أدري ما يقول في ذلك و أنا شاب.
و نزلت يوما الى السوق، فبينا أنا فيه إذا نبطيّ من أهل الشام كان قد قدم بطعام يبيعه بالمدينة، يقول: من يدلّني على كعب بن مالك؟فأشار إليه الناس فجاءني، و إذا به يحمل إليّ رسالة في شقة من حرير من ملك بني غسّان، فقرأتها فإذا فيها: «أما بعد فانّه قد بلغنا انّ صاحبك قد جفاك، و لم يجعلك اللّه بدار هوان و لا مضيعة!فالحق بنا نواسيك» فقلت في نفسي: -