كما كان صلّى اللّه عليه و آله يكرم الفقهاء اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْعِلْمَ و منهم البدريّون السابقون الى الايمان و الجهاد، فهم أفهم لأحكام الإسلام و عقائده و معارفه من اللاحقين بهم من بعدهم، كذلك كان يكرم الفقراء منهم، ذلك أنّهم أقرب للتقوى و الايمان من المستغنين على مزلّة الطغيان... و لكنّهم كانوا يأتونه و يغلبون الفقراء على مجالسته و مناجاته طويلا، حتى كره رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله طول جلوسهم و مناجاتهم، فأمرهم اللّه بأن يقدّموا بين يدي نجواه صدقة و تعبّدهم بأن لا يناجي أحد رسول اللّه إلاّ بعد أن يتصدّق بشيء ما قلّ أو كثر، و انما غفر و أعفى عنها من لم يجدها منهم، إذ قال:
و كان لعلي عليه السّلام دينار فصرفها بعشرة دراهم، فكان يقدّم بين يدي نجواه النبيّ صدقة بدرهم عشر مرّات حتّى أنهاها، و بخل الموسرون منهم فانتهوا عن مناجاته فلم يعمل بذلك أحد منهم سوى علي عليه السّلام حتى نزلت الآية التالية:
أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوََاكُمْ صَدَقََاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ تََابَ اَللََّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا اَلصَّلاََةَ وَ آتُوا اَلزَّكََاةَ... أي اكتفى منهم عن هذه الصدقة بالصدقات المفروضة في الزكوات. و تسجّل العمل بالآية آية اخرى لفضل خاص بعلي عليه السّلام [2] .
[1] المجادلة: 12 و الخبر في التبيان 9: 551 عن الزجاج و مجمع البيان 9: 379 عن مقاتل ابن حيّان، و كذلك في أسباب النزول للواحدي: 348.
[2] المجادلة: 13 و الخبر في المصادر السابقة، و ما نزل من القرآن للحبري الكوفي عن مجاهد:
84 و كذلك في تفسير فرات: 469، 470 و فيه عن ابن عمر: أنّه دفع الدينار إليه صلّى اللّه عليه و آله. و في تفسير القمي 2: 357 عن مجاهد كذلك، و عن الصادق عليه السّلام أيضا. و في هامش تفسير فرات مصادر عديدة اخرى. و في المجمع عن مقاتل أن الفاصل كان عشر ليال 9: 380.