الطائف، فسار من أوطاس على نخلة اليمانية، ثم على قرن [1] ثم على المليح، ثم على بحرة الرّغاء من وادي ليّة، و بها بنى مسجدا بيده و أصحابه ينقلون إليه الحجارة، فصلى فيه الظهر. و أتاه رجال من هذيل برجل من بني ليث قتل رجلا من هذيل، فاختصموا عنده، فدفعه رسول اللّه إليهم فقدّموه فضربوا عنقه [2] .
و صلى رسول اللّه العصر، و رأى قصرا فسأل عنه فقالوا: هو قصر مالك بن عوف. فقال: أين هو؟قالوا: هو الآن في حصن ثقيف. فقال: من في قصره؟ قالوا: ما فيه أحد. فقال: حرّقوه!فحرّق من حين العصر إلى أن غابت الشمس.
و كان هناك قبر مشرف لسعيد بن العاص الاموي، و ابناه: أبان و عمرو مع رسول اللّه، فلما نظر أبو بكر إلى قبره قال: لعن اللّه صاحب هذا القبر فانه كان يحادّ اللّه و رسوله!و سمعه ابناه عمرو و أبان فقالا لعن اللّه أبا قحافة فانه كان لا يمنع الضيم و لا يقري الضيف فقال رسول اللّه: إن سبّ الأموات يؤذي الأحياء، فإن شئتم المشركين فعمّوا. ثمّ مضى رسول اللّه من ليّة على طريق الضّيقة، فقال رسول اللّه: بل هي اليسرى!ثم خرج على وادي النخب عند حائط رجل من ثقيف، أبى أن يخرج إلى رسول اللّه، فأرسل إليه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إما أن تخرج و إما أن نحرق عليك حائطك!فأبى أن يخرج، فأمر رسول اللّه بإحراق حائطه و ما فيه [3] .
[1] قرية في طريق الطائف بينها و بين مكة خمسون ميلا (80 كم تقريبا) معجم البلدان 7: 64.
[2] مغازي الواقدي 2: 924 و عند ابن اسحاق في السيرة مثله 4: 125 و قالا: فكان أول دم اقيد به في الإسلام. هذا و قد ذكر الواقدي مثله في قصاص جثّامة قبله في حنين، بل و قبله جرى من موارد القصاص أكثر من واحد، و انما يحمل مثل هذا على مبلغ علم الراوي إلاّ الاستقصاء، كما مرّ قبل قليل.
[3] مغازي الواقدي 2: 925 و عند ابن اسحاق في السيرة مثله 4: 125 إلاّ أنه قال: فأمر بإخرابه، لا إحراقه. و ليس فيها خبر لعن أبي بكر لسعيد و لعن ابنيه له بالمثل.