أكتافهم حتى انتهينا إلى النبيّ على بغلة شهباء، و حوله رجال بيض حسان الوجوه، فقال: شاهت الوجوه، ارجعوا!فانهزمنا و ركب المسلمون اكتافنا و تفرّقت جماعتنا في كل وجه، و جعلنا نلتفت وراءنا ننظر إليهم و هم يطلبوننا، و جعلت الرّعدة تسحقنا حتى لحقنا بعلياء بلادنا مما كان بنا من الرّعب!
و روى عن عدّة منهم قالوا: لقد رمى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بتلك الكف من الحصيات، فما منّا أحد إلاّ يشكو القذى في عينيه!و لقد كنّا نجد في صدورنا خفقانا كوقع الحصى في الطساس ما يهدأ عنّا. و لقد رأينا رجالا بيضا على خيل بلق عليهم عمائم حمر قد ارخوها بين أكتافهم، و هم بين السماء و الأرض كتائب كتائب، لا شيء بأيديهم و لكنّا لا نستطيع أن نقاتلهم أو نتأمّلهم من الرّعب! [1] .
هكذا تراءت الملائكة لهم، بينما حكى اللّه للمسلمين عن نصره لهم يوم حنين فقال: وَ أَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهََا فما روى عن المسلمين أنهم رأوا جنود اللّه، و لا عن من معهم من المؤلفة قلوبهم من مشركي قريش مكة، اللهم إلاّ:
ما رواه الواقدي عن شيوخ الأنصار قالوا: رأينا يومئذ شيئا كالكساء المخطّط أو كالسحاب المركوم هوى من السماء إلى الأرض، فإذا هو نمل انبثّ في الوادي، و إذا هو نصر أيّدنا اللّه به [2] .
و ما رواه ابن اسحاق عن أبيه عن جبير بن مطعم العدوي قال: حين اقتتال الناس و قبل هزيمة هوازن رأيت شيئا كالكساء الأسود نزل من السماء حتى سقط بيننا و بين القوم، فإذا هو نمل انبثّ فملأ الوادي، ثم لم يكن إلاّ أن هزم القوم، فلم أشك أنها كانت الملائكة [3] .