فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: هبلت (هلكت) أجنّة واحدة؟انها جنان كثيرة!و الذي نفسي بيده انه لفي الفردوس الأعلى!.
فقالت: فلا أبكي عليه أبدا.
فدعا رسول اللّه بماء فغمس يده فيه و مضمض فاه ثم ناول أم حارثة فشربت ثم ناولته ابنتها فشربت، ثم أمرهما فنضحتا منه في جيوبهما ففعلتا.
فرجعتا من عند النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و ما بالمدينة امرأتان أقرّ عينا منهما و لا أسرّ [1] . غ
الأسرى في المدينة:
قال: و لما قدموا بالأسرى لم يبق بالمدينة يهودي و لا مشرك و لا منافق الاّ ذل، و قال كعب بن الأشرف اليهودي: بطن الأرض اليوم خير من ظهرها، هؤلاء أشراف الناس و ساداتهم و ملوك العرب و أهل الحرم و الأمن قد اصيبوا [2] .
[2] مغازي الواقدي 1: 121. و روى الواقدي بسنده عن كعب بن مالك، و جابر بن عبد اللّه الأنصاري قالا: لما رأى ابن الأشرف الأسرى مقرّنين كبت و ذلّ و قال لهم: ويلكم!و اللّه لبطن الأرض خير من ظهرها اليوم!هؤلاء سراة القوم قد قتلوا و اسروا، فما عندكم؟ قالوا: عداوته ما حيينا!قال: و ما أنتم و قد وطأ قومه و أصابهم؟!و لكني أخرج الى قريش فأحضّهم و أبكي قتلاهم، فلعلهم ينتدبون فاخرج معهم.
فخرج حتى قدم مكة، و وضع رحله عند أبي ودّاعه بن ضبيرة السّهمي (و هو صهر بني أميّة و أوّل أسير افتدي) فجعل يرثي قريشا-المغازي 1: 185.
و روى ابن اسحاق عن رواته قالوا: خرج حتى قدم مكة.. و جعل ينشد الأشعار يبكي أصحاب القليب من قريش الذين اصيبوا ببدر، و يحرّض بذلك على رسول اللّه-3: 55. -