ثم قال للغلام : انطلق بهذا الكتاب إلى ابن أبي عتيق [٥] بالمدينة ؛ فلمّا قرأ ابن أبي عتيق الكتاب قال : أنا والله رسوله إليها ، فسار من فوره لا يعلم به أهله حتى قدم مكة ، فأتى منزل عمر ، فوجده غائبا ، فنزل عن دابّته وركب دابّة لعمر ، وقال لغلامه : دلّني على منزل الثّريا ؛ فمضى معه ، فلما انتهى إلى منزلها وجدها قد خرجت إلى البادية على رأس أميال من مكة ، فخرج نحوها ، فلمّا دنا من الحيّ صهل البرذون ، فعرفت الثريّا صوته ، فقالت لجواريها : هذا برذون الحبيب ، ثم دعت براحلة ، فرحّلتها وركبتها وخرجت تلقاه ، فإذا هي بابن [أبي][٦] عتيق ، فقالت : مرحبا ، قد آن لك أن نراك يا عم ما جاء بك؟ قال : أنت والعاشق جئتما بي ، فقالت : أما والله لو بغيرك تحمل ما أجبناه وليس لك مدفع ، امرر بنا نحوه. قال : فأقبل نحو منزل عمر ، وقد كان بعض غلمانه صار إليه فأعلمه أن رجلا قد صار إليهم من صفته كذا وكذا ، قال : ويحك هو ابن أبي عتيق اسبقني إليه فقل له : هذا مولاي يأتيك الساعة. ثم انصرف مسرعا فصار إلى منزله فسأل عن ابن أبي عتيق فأخبر أنه قد توجه إلى الثريا ، فلم يلبث إلّا يسيرا حتى وافاه ابن أبي عتيق ، فخرج إليه فقبّل يديه ورجليه ، ثم قال : انزل جعلني الله فداك ، فقال ابن أبي عتيق : مكة عليّ حرام إن أقمت بها ساعتي هذه ، ثم دعا بدابته فتحوّل عنها ، وشخص إلى المدينة راجعا.