قال : ألست تزعم أنك تبصر الشعر؟ قلت : بلى ، قال : فكيف لم تشقق بطنك فضلا عن ثوبك عند هذا البيت ، قال : قلت : عند البيت الذي سرقت هذا منه ، قال : وما هو؟ قلت : بيت الأعشى :
قال : أنت تبصر الشعر ، فلما صرت إلى سليمان سهرت معه بهذا أول بدأتي.
قال القاضي : للأعشى في هذا المعنى بيت أبلغ من هذا البيت في كلمة له أخرى وهو [٣] :
من اللائي حملن على الروايا
كريح المسك يستلّ الزّكاما
واستلال الزكام أبلغ من فضّه لأن استلاله نزعه وإخراجه ، وفضّه نشره وتفريقه وكسره كفضّ الخاتم ، وفي فضّه مع هذا إزالته وتنحيته كما يزول الختام عند فضّه ويفارق ما كان حالا فيه ولازما له.
وفي قول الأخطل :
وأدرك ريحها المزكوم
من البلاغة أنه إنّما يفوته إدراك المشموم لحلول الزكام به ، وغلبته إياه ، فإذا أدرك ريح الخمر التي كان الزكام حائلا بينه وبينها عند نفحتها فإنّما ذلك لزوال الزكام المانع الحائل بينه وبين إدراكها ، وقد تدرك الرائحة بعد خفّة الزكام ، وزوال بعضه وإن لم يزل بكليته ، من هاهنا كان الفضّ والاستلال أبلغ وأبين في المعنى.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو محمّد السكري ، أنبأنا علي بن عبد العزيز ، أنبأنا أحمد بن جعفر بن محمّد ، أنبأنا أبو خليفة الجمحي ، حدّثنا محمّد بن سلّام ، قال [٤] : وقيل للأخطل عند الموت : أتوصي أبا مالك؟ فقال :