responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر    جلد : 40  صفحه : 222

فما تركا من رقيّة تعلمانها

ولا سلوة إلّا بها سقياني

فقالا : شفاك الله والله ما لنا

بما حمّلت منك الضلوع يدان

قال : ثم شهق شهقة خفيفة ، فنظرت فإذا هو قد مات ، فقلت : أيتها العجوز ما أظن هذا النائم بفناء بيتك إلّا قد مات ، فقالت : نفسه والله نفسه ثلاث مرات ، فدخلني من ذلك ما لا يعلمه إلّا الله ، واغتممت وخفت أن يكون موته لكلامي ، فلما رأت العجوز جزعي قالت : هوّن عليك ، فإنّه قد مات بأجله واستراح مما كان فيه ، وقدم على رب غفور ، فهل لك في استكمال الأجر ، هذه الأبيات منك غير بعيد. تأتيهم ، فتنعاه لهم ، وتسألهم حضوره فاسترحت إلى قولها ، ووثبت فركبت فأتيت أبياتا منهم على قدر ميل ، فنعيته إليهم وحفظت الشعر ، فجعل الرجل بعد الرجل يسترجع إذا أخبرته ، فبينما أنا أدور إذا بامرأة كأنها الشمس طالعة ، فقالت : أيها الناعي بفيك الكثكث [١] ، بفيك الحجر ، من تنعي؟ قلت : عروة بن حزام ، قالت : بالذي أرسل محمّدا بالحق واصطفاه بالنبوة هل مات؟ قلت : نعم ، قالت : ما ذا فعل قبل موته؟ فأنشدتها الشعر ، فو الله ما نهنهت أن قالت [٢]

عداني [٣] أن أزورك يا خليلي

معاشر كلهم واش حسود

أشاعوا ما سمعت من الدواهي

وعابونا وما فيهم رشيد

فأما إذا ثوبت اليوم لحدا

ودور الناس كلهم لحود

فلا طابت لي الدنيا فواقا [٤]

ولا لهم ولا أثري عديد [٥]

ثم مضت معي ومع القوم تصيح وتولول حتى انتهينا إليه ، فغسّلناه وكفّناه وصلّينا عليه وقبرناه. فجاءت فأكبت على قبره.

وحركت مطيتي ، وقدمت الشام ، فدخلت على يزيد بن معاوية ، فدفعت الكتاب ، وأخبرته بالأمر الذي قدمت له : فسألني عن أمور الناس وقال لي : هل رأيت في طريقك شيئا تحدثني؟ قلت : نعم يا أمير المؤمنين ، رأيت عجبا من العجب. وحدثته الحديث ، فاستوى


[١] الكثكث : دقاق التراب وفتات الحجارة ، وقيل : التراب مع الحجارة.

[٢] الأبيات في عيون الأخبار ٤ / ١٢٩ ونهاية الأرب ٢ / ٢٠١ ط. دار الكتب المصرية.

[٣] عداني : صرفني وشغلني.

[٤] الفواق بالضم والفتح : قدر ما بين الحلبتين من الوقت.

[٥] في عيون الأخبار : العبيد.

نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر    جلد : 40  صفحه : 222
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست