ودليل فعليتهما
[١] أيضا ، ما حكاه الكسائي من نحو : نعما رجلين ، ونعموا رجالا والضمائر
المرفوعة البارزة من خواص الأفعال ، وأيضا ، جواز استعمال جميع باب فعل مع فعليّته
، استعمال نعم وبئس ، يقوّي فعليتهما أيضا [٢] ،
ثم نقول :
إنهما بعد ذلك ، وهو كونهما فعلين مستقلين بفاعليهما كلاما صارا مع فاعليهما
بتقدير المفرد ، كصفة متقدمة على موصوفها ، كما في قوله :
وجرد قطيفة ،
فصار معنى نعم الرجل : رجل في غاية الجودة ، فكأنه كان أصل نعم الرجل : رجل نعم ،
أي جيّد ؛ فصارا معا [٤] جزء جملة بعد ما كانا جملة مستقلة ؛ ولهذا نظائر ، نحو
قوله تعالى : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ
أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ)[٥] ، وظننت زيدا قائما ، على ما مرّ في باب ظننت ، ونحو : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ)[٦] ، فإن الجمل في هذه الصّور ، منسلخة عن معنى الجمليّة
بدليل كون مضمون الأولى مبتدأ ، على ما قيل [٧] ، وكون مضمون الثانية مفعولا ، ومضمون الثالثة فاعلا [٨] ، ومضمون الرابعة مضافا إليه ؛
ومبنى كلامهم
أن الجمل إذا كانت بمعنى المفرد ، فإن كانت علما فهي محكية مطلقا ، وإن لم تكن ،
فإن كانت فعلية تركت على حالها ، كما مرّ في باب علمت ، قال تعالى : (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما
رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ)[٩] ، أي : بدا لهم سجنهم إياه ؛
[١] رجوع إلى الحديث
عن نعم وبئس بعد هذا الاستطراد ؛