في بيان أن «كم» الخبرية متضمنة للإنشاء ، وذلك أنك إذا قلت : نعم الرجل
زيد ، فإنما تنشئ المدح وتحدثه بهذا اللفظ ، وليس المدح موجودا في الخارج في أحد
الأزمنة مقصودا مطابقة هذا الكلام إيّاه ، حتى يكون خبرا ؛ بلى ، تقصد بهذا الكلام
مدحه على جودته الموجودة خارجا ؛ ولو كان إخبارا صرفا عن جودته خارجا لدخله
التصديق والتكذيب ، فقول الأعرابي لمن بشّره بمولودة وقال ، نعم المولودة : والله
ما هي بنعم الولد [١] .. ، ليس تكذيبا له في المدح إذ لا يمكن تكذيبه فيه ،
بل هو إخبار بأن الجودة التي حكمت بحصولها في الخارج ليست بحاصلة ، فهو إنشاء جزؤه
الخبر ، وكذا الإنشاء التعجبي ، والإنشاء الذي في «كم» الخبرية ، وفي : ربّ ؛
هذا غاية ما
يمكن ذكره في تمشية [٢] ما قالوا ، من كون هذه الأشياء للإنشاء ؛ ومع هذا كله
فلي فيه نظر ، إذ يطرد ذلك في جميع الأخبار لأنك إذا قلت : زيد أفضل من عمرو ، ولا
ريب في كونه خبرا ؛ لم يمكن أن تكذّب في التفضيل ويقال لك : إنك لم تفضّل ، بل
التكذيب إنما يتعلّق بأفضليّة زيد ؛ وكذا إذا قلت : زيد قائم وهو خبر بلا شك ، لا
يدخله التصديق والتكذيب من حيث الاخبار ، إذ لا يقال أنك أخبرت أو لم تخبر ، لأنك
أوجدت بهذا اللفظ : الإخبار ، بل يدخلانه من حيث القيام فيقال : إن القيام حاصل أو
ليس بحاصل ، فكذا قوله : ليس بنعم المولودة [٣] ، بيان أن النعميّة [٤] ، أي الجودة المحكوم بثبوتها خارجا ، ليست بثابتة ،
وكذا في التعجب ، وفي كم ، وربّ ؛
قوله : «فمنها
نعم وبئس» اعلم أن نعم وبئس ، في الأصل ، فعلان على وزن فعل بكسر العين ، وقد
اطّرد في لغة تميم ، كما يجيء في التصريف [٥] ، في «فعل» إذا كان فاؤه مفتوحا وعينه حلقيا : أربع
لغات ، سواء كان اسما ، كرجل لعث ، أو فعلا ، كشهد ؛