يدل على الكون المخصوص ، وهو كون القيام ، أي حصوله ، فيجئ أولا بلفظ دالّ
على حصول ما ، ثم عيّن بالخبر : ذلك [١] الحاصل ، فكأنك قلت : حصل شيء ثمّ قلت : حصل القيام ،
فالفائدة في إيراد مطلق الحصول أوّلا ثم تخصيصه ، كالفائدة في ضمير الشأن قبل
تعيين الشأن [٢] ، على ما مرّ في بابه ؛ مع فائدة أخرى ههنا ، وهي
دلالته على تعيين زمان ذلك الحصول المقيّد ، ولو قلنا : قام زيد لم يحصل هاتان
الفائدتان معا ، ف «كان» يدل على حصول حدث مطلق تقييده في خبره ، وخبره يدل على
حدث معيّن واقع في زمان مطلق تقييده في «كان» ، لكن دلالة «كان» على الحدث المطلق
أي الكون : وضعيّة ، ودلالة الخبر على الزمان المطلق : عقلية ؛ وأمّا سائر الأفعال
الناقصة ، نحو : صار ، الدالّ على الانتقال ، وأصبح ، الدال على الكون في الصبح ،
أو الانتقال ، ومثله أخواته [٣] ، وما دام الدال على معنى الكون الدائم ، وما زال ،
الدال على الاستمرار وكذا أخواته [٤] ، وليس ، الدال على الانتفاء : فدلالتها على حدث معيّن
لا يدل عليه الخبر : في غاية [٥] الظهور ؛ فكيف تكون جميعها ناقصة بالمعنى الذي قالوه ؛
قوله : «ما وضع
لتقرير الفاعل على صفة» ، كان ينبغي أن يقيّد الصفة فيقول : على صفة غير مصدره ،
فإن «زيد» في ضرب زيد ، أيضا ، متصف بصفة الضرب ، وكذا جميع الأفعال التامّة ،
وأمّا الناقصة فهي لتقرير فاعلها على صفة ، متصفة بمصادر الناقصة ، فمعنى كان زيد
قائما : أن زيدا متصف بصفة القيام المتصف بصفة الكون أي الحصول والوجود ، ومعنى
صار زيد غنيا : أن زيدا متصف بصفة الغنى المتصف بصفة الصّيرورة أي الحصول بعد أن
لم يحصل ؛
قوله «لتقرير
الفاعل على صفة» ، أي جعله وتثبيته عليها ؛