وأمّا قوله
تعالى : (النَّارُ مَثْواكُمْ) ، أي موضع مثواكم ، أي ثوائكم ، (خالدين)([٣]) وقولك : أعجبني ضرب زيد قائما ، وهو ضارب زيد مجردا ؛ فالمنصوب فيها حال من
الفاعل أو المفعول ، فلا يرد اعتراضا.
وله [٤] أن يقول : إن الحال عما أضيف إليه غير العامل في الحال
، لا يجيئ إلا إذا كان المضاف فاعلا ، أو مفعولا يصحّ حذفه وقيام المضاف إليه
مقامه. كما أنك لو قلت : بل نتبع ابراهيم ، مقام : «بل نتبع ملة ابراهيم» ، جاز ،
فكأنه حال من المفعول ؛ وإذا كان المضاف فاعلا أو مفعولا وهو جزء المضاف إليه فكأن
الحال عن المضاف إليه هو الحال عن المضاف ، كما في قوله تعالى : (أَنَّ دَابِرَ هَٰؤُلَاءِ
مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ)([٥]) ، فقوله : مصبحين ، حال عما دلّ عليه ضمير «مقطوع» ، وذلك لأنه [٦] نائب عن : «دابر هؤلاء» ، فهو حال عن هؤلاء ، المضاف
إليه ، لأن دابر الشيء : أصله ، فكأنه قال : يقطع دابر هؤلاء مصبحين ، فكأنه حال
عن مفعول ما لم يسمّ فاعله ؛ وكذا قوله : كأن حواميه مدبرا ، أي : تشبه حواميه
مدبرا ، أو أشبّه حواميه مدبرا ، فكأنه حال عن الفاعل أو المفعول ؛
[١] هذا من شعر
للنابغة الجعدي في وصف الفرس ، والحوامي : ما فوق الحافر من ذي الحافر ، يريد أنها
صلب قوية ، وتشبيهها بالشيء المخضوب ، يراد به أنها قريبة إلى السواد أو الخضرة
وكلما كانت كذلك كانت أشد صلابة ؛
[٢] وهذا أحد أبيات
لزيد الفوارس ، في وصف وقعة كانت بين قومه وجماعة من قبيلتي عوذ ، وبهئة (بضم
الباء) ، كانوا قد أغاروا على إبل لقوم زيد فلحق بهم في عدد من قومه واستردوا منهم
الإبل ، وزيد الفوارس هو زيد بن حصين بن ضرار الضي شاعر جاهلي كان من الشجعان وهو
غير زيد الخيل الذي سماه النبي صلى الله عليه وسلم : زيد الخير ، وسيأتي ذكره ،