ورأيت زيدا راكبا. لفظ فيه دلالة على كونه هيئة الفاعل ، أو المفعول ، حتى
لو قلت : رجل قائما أخوك ، لم يجز ، لعدم الفاعلية ، أو المفعولية في «رجل» [١]
أقول : لقائل
أن يمنع أن المحدود يلزم أن يدلّ على كل ما يذكر في حدّه ، بل يكفي أن يكون فيه ما
يذكر في حدّه ؛ وبعد التسليم ، فليس في هذا الحدّ تحقيق معنى الحال ، وبيان
ماهيّته ، لأنه ربما يتوهّم أنه موضوع لبيان هيئة الفاعل أو المفعول مطلقا ، لا في
حالة الفعل ، فيظنّ في : جاءني زيد راكبا ، أن «راكبا» هيئة لهذا الفاعل مطلقا لا
في حال المجيىء ، فيكون غلطا.
ويخرج عن هذا
الحدّ : الحال التي هي جملة ، بعد عامل ليس معه ذو حال كقوله :
ويخرج أيضا :
الحال عن المضاف إليه ، إذا لم يكن المضاف عاملا في الحال ، وإن كان ذلك قليلا ،
كقوله تعالى : (قُلْ بَلْ مِلَّةَ
إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا)[٤]
، وقوله تعالى :
(دَابِرَ
هَٰؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ)[٥]
، وقول الشاعر
:
[١] هذه نهاية كلام
ابن الحاجب الذي نقله الرضي ، وقوله بعد ذلك : أقول : مناقشة منه لابن الحاجب فيما
قاله في شرحه ؛ وكلام ابن الحاجب هنا يستحق المناقشة حقا ؛
[٢] من معلقة طرفة بن
العبد ، وهو في هذا البيت وما يتصل به يتحدث عما فعله من عقر ناقة لضيف نزل به ،
وهي من كرام الإبل ، قيل أنها ناقة أبيه ، وقيل إنها ناقة ضيفه الذي نزل به وقوله
: قد أتيت بمؤيد ، أي بشيء عظيم خطير ، ومؤيد إما بصيغة اسم الفاعل أو بصيغة اسم
المفعول ،
[٣] هذا البيت من
معلقة امرئ القيس المشهورة من الجزء الذي يصف فيه فرسه بالسرعة ، وقوله : قيد
الأوابد ، أي مقيّدها ، يعني أنه لسرعته يدرك الوحوش فلا تفلت منه ، فكأنه يقيّدها
في مكانها حتى يلحقها ؛