نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 19 صفحه : 388
فأما مذهبهم في البلية و هي ناقة تعقل عند القبر حتى تموت فمذهب مشهور و البلية أنهم إذا مات منهم كريم بلوا ناقته أو بعيره فعكسوا عنقها و أداروا رأسها إلى مؤخرها و تركوها في حفيرة لا تطعم و لا تسقى حتى تموت و ربما أحرقت بعد موتها و ربما سلخت و ملئ جلدها ثماما و كانوا يزعمون أن من مات و لم يبل عليه حشر ماشيا و من كانت له بلية حشر راكبا على بليته قال جريبة [1] بن الأشيم الفقعسي لابنه
يا سعد إما أهلكن فإنني # أوصيك إن أخا الوصاة الأقرب
لا أعرفن أباك يحشر خلفكم # تعبا يجر على اليدين و ينكب
و احمل أباك على بعير صالح # و تق الخطيئة إنه هو أصوب
و لعل لي مما جمعت مطية # في الحشر أركبها إذا قيل اركبوا.
و قال جريبة أيضا
إذا مت فادفني بجداء ما بها # سوى الأصرخين أو يفوز راكب
فإن أنت لم تعقر علي مطيتي # فلا قام في مال لك الدهر جالب
و لا تدفنني في صوى و ادفننني # بديمومة تنزو عليها الجنادب.
و قد ذكرت في مجموعي المسمى بالعبقري الحسان أن أبا عبد الله الحسين بن محمد بن جعفر الخالع رحمه الله ذكر في كتابه في آراء العرب و أديانها هذه الأبيات و استشهد بها على ما كانوا يعتقدون في البلية و قلت إنه وهم في ذلك و إنه ليس في هذه الأبيات دلالة على هذا المعنى و لا لها به تعلق و إنما هي وصية لولده أن يعقر مطيته بعد موته إما لكيلا يركبها غيره بعده أو على هيئة القربان كالهدي المعقور