الاتّصاف بأوصاف الممكنات، و تنزّهه عن مجانسة المخلوقات، فكما أنّ خالقيّته و ربوبيّته و قيوميّته توجب قربه، كذلك توجب بعده، فنأى في قربه، و قرب في نأيه.
قوله (عليه السلام): «و كيّف الكيف فلا كيف له»
فإنه سبحانه خالق الكيف و الأين، و المخلوق فقير بذاته إلى خالقه، و الخالق غني بذاته عن مخلوقه، فلا يمكن اتّصاف الغني بالذات بالفقير بالذات.
قوله (عليه السلام): «هو الواحد الأحد الصمد لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد»
لمّا بيّن (عليه السلام) أنه تعالى جلّ عمّا يصفه الواصفون، وصفه بما وصف به نفسه من الأوصاف الستّة، و في جمعه أوصاف اللّه الكمالية في الثلاثة الإيجابية، و هي الواحد و الأحد و الصمد، و أوصافه الجلالية في الثلاثة السلبية، و هي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد، أودع جواهر من المعرفة و الحكمة لأهلها، من استخراج جميع أسماء اللّه الحسنى منها، و استنباط ما يتعلّق بالتحميد من الثلاثة الأولى، و ما يتعلّق بالتسبيح من الثلاثة الثانية، و بالتأمّل فيما ذكره يظهر تفريعه (عليه السلام): «فجلّ جلاله».
قوله (عليه السلام): «أم كيف يوصف كنه محمّد»
فرّق (عليه السلام) بين وصف اللّه و وصف رسوله بنفي الوصف عن اللّه بإطلاقه، و عن الرسول بكنهه، تنبيها على الفرق بين اللّه و رسوله، و في التفريق بهذا البيان وجوه دقيقة لمن تأمّل.
و بيّن (عليه السلام) سبب عدم وصف الرسول بكنهه، بأنّ اللّه سبحانه قرن محمّدا باسمه، و رفع ذكره إلى أن صار اسمه قرينا لاسم اللّه الذي قال في شأنه تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ[1] فصارت الشهادة برسالته في كلّ أذان و إقامة و صلاة قرينة