دعا بجراب مختوم فيه سويق الشعير، قلت له: يا أمير المؤمنين خفت أن يؤخذ منه فختمت فيه؟
قال: لا، و لكنّي خفت أن يلينه الحسن أو الحسين بسمن أو زيت.
قلت: هما حرام عليك؟
قال: لا، و لكن يجب على الائمة أن يغتذوا بغذاء ضعفاء الناس و أفقرهم، كيلا يشكو الفقير من فقره، و لا يطغى الغني لغناه.
[17] و في كتاب «ذخيرة الملوك» للسيد علي الهمداني (قدس اللّه سرّه و وهب لنا بركاته و فتوحاته) :
إنّ عليا (كرّم اللّه وجهه) كان معتكفا في مسجد الكوفة، جاء اعرابي وقت إفطاره فأخرج علي من جراب سويق شعير فأعطاه منه شيئا، فلم يأكله الاعرابي، فعقده في طرف عمامته، فجاء الى دار الحسنين (رضي اللّه عنهما) فأكل معهما فقال لهما: رأيت شيخا غريبا في المسجد لا يجد غير هذا السويق فترحمت عليه، فاحمل من هذا الطعام إليه ليأكله، فبكيا و قالا: إنّه أبونا أمير المؤمنين علي يجاهد نفسه بهذه الرياضة.
و في شرح نهج البلاغة: فأمّا فضائله (كرّم اللّه وجهه) فانّها قد بلغت في الاشتهار و الانتشار، أقرّ لها أعداؤه بنو أميّة، و اجتهدوا بكلّ حيلة في إطفاء نوره، و لعنوه على جميع المنابر، فما زاده ذلك إلاّ رفعة [1] .