فأمّا علمه كان بالوراثة و الالهام، و إنّ ابن عباس كان تلميذه قيل له: أين علمك من علم ابن عمك علي؟
فقال: كنسبة قطرة من المطر الى البحر المحيط.
فعلم القرآن و الطريقة و الحقيقة، و أحوال التصوف و النحو و الصرف كلّها منه [1] .
و أمّا شجاعته، فهي مشهورة يضرب بها الأمثال، و إنّه لمّا دعا معاوية الى المبارزة ليستريح الناس من الحرب، يقتل أحدهما الآخر، قال عمرو بن العاص لمعاوية: لقد أنصفك علي.
فقال معاوية: ما غششتني منذ نصحتني إلاّ اليوم، أ تأمرني بمبارزة أبي الحسن و أنت تعلم أنّه الشجاع المطرق، أراك طمعت في إمارة الشام بعدي.
قالت أخت عمرو بن عبد ودّ ترثيه:
لو كان قاتل عمرو غير قاتله # لكنت أبكي عليه آخر الأبد
لكن قاتله من لا نظير له # و كان يدعى أبوه بيضة البلد [2]
و أمّا القوة و الأيد، فضرب المثل فيهما، و هو الذي قلع باب خيبر، و اجتمع عليه عصبة من الناس ليقلبوه فلم يقلبوه، و هو اقتلع الصخرة العظيمة بيده أيام خلافته في مسيره الى صفين بعد عجز الجيش كلّه عن قلع الصخرة، فأنبط الماء من تحتها.
و أمّا السخاء و الجود، فكان يصوم و يؤثر بزاده، و كان يسقي بيده لنخل قوم من يهود المدينة، حتى مجلت يده، و يتصدّق بالأجرة، و يشدّ على بطنه حجرا.