نام کتاب : وضوء النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) نویسنده : الشهرستاني، السيد علي جلد : 2 صفحه : 323
لتعرضه للنجاسة في غالب الأحيان، فلو صحّ عندهم خبر دالّ على مشاهدة حسيّة عن رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) لاستدلّوا به على غسل الرجلين، و لما اكتفوا بهذه الجملة للتدليل على الغسل، مع أنك عرفت سقم محكيات الصحابة و طرقهم الغسليّة عن رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله).
و إليك الآن ما أخرجه مسلم في صحيحه- باب غسل الرجلين- بسنده إلى سالم مولى شدّاد، قال: دخلت على عائشة زوج النبيّ (صلّى اللّٰه عليه و آله) يوم توفي سعد بن أبي وقاص، فدخل عبد الرحمن بن أبي بكر فتوضّأ عندها، فقالت: يا عبد الرحمن أسبغ الوضوء، فإني سمعت رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) يقول: ويل للأعقاب من النار [1].
و في مسند أحمد: .. فأساء عبد الرحمن، فقالت عائشة: يا عبد الرحمن، أسبغ الوضوء فإني سمعت رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) يقول: ويل للأعقاب يوم القيامة من النار [2].
فهذان النصان يوضّحان لنا أن وضوء عبد الرحمن يغاير وضوء عائشة، لقول عائشة له: (أسبغ الوضوء، فإني سمعت رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) يقول ويل للأعقاب من النار)، و لما نقله الراوي (فأساء عبد الرحمن، فقالت عائشة ..) فإن عائشة لو كانت قد رأت رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) قد غسل رجليه للزمها أن تقول: يا عبد الرحمن اغسل رجلك، فإني رأيت رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) يغسل رجليه، و حيث لم تر رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) يغسل رجليه استدلّت على وجوب الغسل بقوله (صلّى اللّٰه عليه و آله): ويل للأعقاب من النار، لا برؤيتها.
و البصير العالم يعلم بأنه لا دلالة في (أسبغ الوضوء) و (ويل للأعقاب من النار) على غسل الأقدام، بل إنّ لكلّ واحدة من الجملتين مفهوما يختص بها حسب ما سنوضحه في المجلد الثالث من هذا الكتاب «الوضوء في الكتاب و اللغة».
نعم، إنّ الرأي قد استخدم لترسيخ وضوء الخليفة عثمان بن عفان، و مما يؤيّد ذلك ما أخرجه الطبري بسنده إلى حميد، قال: قال موسى بن أنس لأنس- و نحن عنده-: يا أبا حمزة إنّ الحجّاج خطبنا بالأهواز و نحن معه نذكر الطهور، فقال: اغسلوا وجوهكم و أيديكم و امسحوا برءوسكم و أرجلكم، و إنه ليس من ابن آدم أقرب إلى خبثه من قدميه، فاغسلوا بطونهما و ظهورهما و عراقيبهما.