نام کتاب : وضوء النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) نویسنده : الشهرستاني، السيد علي جلد : 2 صفحه : 21
قال: فظنوا أنه يريد أن ينظر فيها و يقوّمها على أمر لا يكون فيه اختلاف، فأتوه بكتبهم، فأحرقها بالنار، ثمّ قال: أمنية كأمنية أهل الكتاب [1].
و في الطبقات الكبرى و مسند أحمد، قال محمود بن لبيد: سمعت عثمان على المنبر يقول: لا يحلّ لأحد أن يروي حديثا عن رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) لم يسمع به في عهد أبي بكر و لا عهد عمر [2].
و عن معاوية أنّه قال: أيها الناس، أقلّوا الرواية عن رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله)، و إن كنتم تحدّثون، فحدّثوا بما كان يتحدّث به في عهد عمر [3].
و هذه النصوص توضّح لنا انقسام المسلمين إلى اتجاهين.
1- اتّجاه الشيخين و من تبعهما من الخلفاء، فإنّهم كانوا يكرهون التدوين و يحضرون على الصحابة التحديث عن رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله).
2- اتّجاه جمع آخر من الصحابة قد اتّخذوا التدوين مسلكا و منهجا حتّى على عهد عمر بن الخطاب، منهم علي بن أبي طالب و معاذ بن جبل و أبي بن كعب و أنس بن مالك و أبو سعيد الخدري و أبو ذر و غيرهم.
فترى هؤلاء يدوّنون و يحدّثون و إن وضعت الصمصامة على أعناقهم، لقول الراوي: أتيت أبا ذر- و هو جالس عند الجمرة الوسطى- و قد اجتمع الناس عليه يستفتونه، فأتاه رجل فوقف عليه ثمّ قال: ألم تنه عن الفتيا؟
فرفع رأسه إليه فقال: أ رقيب أنت عليّ؟ لو وضعتم الصمصامة على هذه- و أشار إلى قفاه- ثمّ ظننت أنّي أنفذ كلمة سمعتها من رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) قبل أن تجيزوا عليّ لأنفذتها؟! [4] و ترى الخلفاء و أتباعهم يمنعون التحديث و التدوين و يضربون و يهددون
[1] حجية السنة: 395، و في الطبقات الكبرى لابن سعد 1: 140 «مثناة كمثناة أهل الكتاب».
[2] الطبقات الكبرى 2: 336 و عنه في السنة قبل التدوين: 97.