نام کتاب : وضوء النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) نویسنده : الشهرستاني، السيد علي جلد : 2 صفحه : 19
و اللافت للنظر أن الخليفتين أبا بكر و عمر لم يكونا بمنأىً عن هذه الظاهرة، بل نرى لهما نصيبا من الاعتراض على رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) و عدم امتثال أوامره (صلّى اللّٰه عليه و آله)[1]، و خصوصا الخليفة عمر بن الخطّاب الذين خالفه في مفردات كثيرة.
كإنكاره أخذ الفداء من أسارى بدر [2]، و اعتراضه على النبي (صلّى اللّٰه عليه و آله) في صلاته على المنافق [3]، و استيائه من قسمة قسمها النبي (صلّى اللّٰه عليه و آله)[4]، و مواجهته للنبي بلسان حادّ في صلح الحديبية [5]، و مطالبته النبي (صلّى اللّٰه عليه و آله) أن يستفيد من مكتوبات اليهود في الشريعة [6] و قوله في أخريات ساعات حياة النبي (صلّى اللّٰه عليه و آله)، إنّه ليهجر [7] أو غلبه الوجع، و هكذا و هلمّ جرّا في الاجتهادات التي خولف بها رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) في حياته، غير ناسين أنّ المسلمين انقسموا بين يدي رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) حين دعا بالقلم و الدواة ليكتب لهم كتابا لن يضلوا بعده أبدا، فمن قائل: أنفذوا ما قال رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله)، و قائل: القول ما قال عمر، و هذا إن كشف عن شيء فإنما يكشف النقاب عن وجود الاتجاهين حتّى آخر لحظة من حياة الرسول الأكرم (صلّى اللّٰه عليه و آله)، و أنّ اتجاه الاجتهاد بالرأي كان قويّا و مؤثرا في مسير تاريخ المسلمين و فقههم و حياتهم، و ذلك هو الذي شرّع التعدديّة و حجيّة الرأي بعد رسول اللّٰه.
و لا يخفى عليك أنّ ما يهمّنا بحثه هنا هو معرفة (وضوء النبي (صلّى اللّٰه عليه و آله)) من خلال بيان ملابسات التشريع الإسلامي على وجه العموم، و ما يتعلق بوضوء رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) بوجه خاص.
[1] الإصابة 1: 484، حلية الأولياء 3: 227، البداية و النهاية 7: 298، مسند أحمد 3: 15.