صاحب المنار إلى أقوال اللغويّين و قد مرّ
قسم منها.
و لا يخفى انّ هذا البحث غير مختصّ بالشيعة في هذه الآية الكريمة كما
انّه غير مختصّ بهذه المسئلة بل هو بعينه جار بين أهل السنة أيضا في بعض المسائل
الفقهيّة فإنّ أبا حنيفة و الشافعي الذين هما من أئمة العامّة قد اختلفا فيمن وكل
وكيلا على ان يبتاع له طعاما فقال الشافعي: لا يجوز ان يبتاع الّا الحنطة و قال
أبو حنيفة: يكفي ان يشترى الدقيق ايضا [1] و هكذا لو قال المولى لعبده ادخل السوق
و اشتر الطعام. فان بعضهم قال بأنّ المراد من السوق هنا هو سوق البرّ لانّ الطعام
هو البرّ.
و هذه المسئلة نظير المسئلة المعروفة بين فقهاء الشيعة في فدية
المساكين فإنّهم اتّفقوا على عدم الاجتزاء بقيمة الطعام و اختلفوا في انّه يجب
إعطاء خصوص البرّ كما قاله بعض أو يكفي إعطاء الشعير ايضا كما قاله الآخرون.
و على الجملة فلا مجال أصلا للإشكال في استعمال الطعام في البرّ و لا
يلزم من قولنا هذا استعماله فيه مطلقا و في كلّ الموارد حتّى يستشكل صاحب المنار و
ينقض بتلك الآيات الكريمة، بل الغرض هو خصوص آية حلّ الطعام.
الطعام في السّنّة
ثمّ انّ الذي يحملنا على الإصرار على هذا المطلب و إثبات إطلاق
الطعام
______________________________
[1]. أقول: ذكر ذلك السيّد ابن زهرة في الغنية و قال بعد ذلك: ذكر
ذلك المحاملي في آخر كتاب البيوع من كتابه الأوسط في الخلاف، و ذكره الأقطع في آخر
كتاب الوكالة من شرح القدورى، و قال في الشرح: و الأصل في ذلك انّ الطعام اسم
للحنطة و دقيقها و انّما أحوجنا الى ذكر مذهب المخالف في ذلك و الإحالة على كتبهم
إنكار من أنكره من جهّالهم الى آخر كلامه زيد في علوّ مقامه.