في مجلس كان أكثره منهم و ذكرت الآية فقلت
ليس هذا هو الغالب في لغة القرآن فقد قال اللّه تعالى في هذه السورة أي المائدة أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَ
لِلسَّيَّارَةِ[1]
و لا يقول أحد، انّ الطعام من صيد البحر هو البرّ أو الحبوب. و قال كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ
إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ[2] و لم
يقل أحد انّ المراد بالطعام هنا البرّ أو الحبّ مطلقا إذ لم يحرم شيء منه على بني
إسرائيل لا قبل التوراة و لا بعدها فالطعام في الأصل كلّ ما يطعم اى يذاق أو يؤكل،
قال تعالى في ماء النهر حكاية عن طالوت فَمَنْ شَرِبَ
مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَ مَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي[3] و
قال فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا[4] اى
أكلتم، و ليس الحبّ مظنّة التحليل و التحريم و انّما اللحم هو الذي يعرض له ذلك
لوصف حسيّ كموت الحيوان حتف انفه و ما في معناه، أو معنويّ كالتقرّب به الى غير
اللّه.[5] فهو بذكر
هذه الآيات و استشهاده بها صار بصدد إبطال ما قال به الشيعة و اثبت بزعمه انّ
تفسير الطعام بالحبوب أو البرّ خلاف آيات القرآن نفسها.
و فيه انّ الإطلاق المذكور على ما ذكرنا مؤيّد عند أهل اللغة، فلو
أنكر كون هذا المعنى موضوعا له فلا يمكن إنكار أصل الاستعمال كما في كلّ مورد يطلق
المطلق و يراد منه قسم خاصّ منه مع قرينة تدلّ عليه حاليّة أو مقاليّة أو غيرهما
ككون هذا القسم الخاص أغلب من سائر الأقسام الموجودة في المطلق، أو كونه مظنّة
للحاجة كثيرا، كما انّ الحبوب أو البرّ فيما نحن فيه كذلك، و لينظر