لكان معنى الآية انّ المشركين خبيثة قذرة و
على ذلك كان يحتاج الحكم بالنجاسة الشرعية في الكفّار حتّى المشركين منهم الى دليل
خاص غير هذا العموم و هذا خلاف الظاهر جدّا فإنّهم كانوا يحكمون بنجاسة الكفّار
بمجرّد هذا الآية الكريمة و لأجل هذا العموم المذكور على لسان المولى سبحانه و
تعالى، فانظر الى كلام الطبرسي في مجمع البيان، قال:
و اختلف في نجاسة الكافر فقال قوم من الفقهاء انّ الكافر نجس العين،
و ظاهر الآية يدلّ على ذلك و روى عن عمر بن عبد العزيز انّه كتب: امنعوا اليهود و
النصارى من دخول مساجد المسلمين و اتّبع نهيه قول اللّه تعالى إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ
الآية و عن الحسن قال: لا تصافحوا المشركين فمن صافحهم فليتوضّأ انتهى.
و المراد من التوضّؤ هو غسل اليد و لا بدّ من ان يراد منه لزوم الغسل
إذا تصافحا مع نداوة في يد أحدهما فإذا صافح المسلم المشرك «الكافر» مع رطوبة
سارية فلا بدّ من غسل اليد لتنجّسها بالمساس و الملاقاة. الى غير ذلك ممّا ورد في
الاخبار أو التواريخ، الظاهر في انّ استنادهم في الأحكام المقرّرة كان الى الآية
الكريمة.
و امّا قوله تعالى فَلا يَقْرَبُوا
الْمَسْجِدَ الْحَرامَ. فهذا في الحقيقة نهى متوجّه إلى
المؤمنين لا إليهم، لعدم ايمانهم باللّه كي ينتهوا عمّا نهوا عنه، و الّا فالاجدر
بهم أن يؤمنوا باللّه و يتركوا الأصنام و الأوثان، و يخرجوا من عبادتهم الى عبادة
اللّه سبحانه، و على هذا فمعنى الآية الكريمة انّه يجب على المؤمنين ان يمنعوا
المشركين عن دخولهم المسجد الحرام. [1]
______________________________
[1]. أقول: و لا ينافي هذا ما ذكروه من انّ الكفّار مكلّفون
بالفروع كما انّهم مكلّفون بالأصول، و ذلك لانّ ما افاده دام ظله متعلّق بإجراء
الحكم و تحقيقه و إنفاذه.