و امّا استصحاب النجاسة فلا مجال له بعد
تبيّن الموضوع و عدم تحقّقه عرفا فانّ موضوع النجاسة واضح معلوم، و هو واحد من
أمرين:
أحدهما: الكفر فقد دلّت الآية الكريمة على انّه علّة تامّة في الحكم
بنجاسة الإنسان.
ثانيهما: التبعيّة فقد قام الإجماع على انّها العلة في نجاسة أولاد
الكفّار و هما- اى الكفر و التبعيّة- معا منفيّان لانّ الطفل المزبور ليس كافرا و
هو معلوم، لكونه صبيّا، و لا تابعا للكافر، لخروجه عن دار الكفر، و دخوله في دار
الإسلام، فالموضوع و هو التابع قد تبدّل، و هذا بعينه نظير ما إذا علمنا انّ
المدار في جواز الايتمام و عدمه هو العدالة وجودا و عدما، و فرضنا انّ زيدا كان
عادلا ثم صدر منه الفسق فإنّه لا مجال حينئذ للاستصحاب لتبدّل الموضوع.
كما انّه لو شكّ في المراد من التبعية و انّها هي التبعيّة في
الولادة كي يكون نجسا الى ان يبلغ الحلم و يتّضح هناك انّه كافر فينجس كما كان، أو
مسلم فيكون طاهرا، أو التبعيّة التربويّة و كونه تحت تربية الكافر، فهنا يتردّد
الموضوع حيث لم يدلّ على حدوده و قيوده دليل لفظيّ بل الموضع مأخوذ من الإجماع و
هو دليل لبىّ غير ناطق لا لسان له فيشكّ في بقاء التبعية في الفرض و يكون الموضوع
مشكوك التحقّق الآن، و هنا ايضا لا يجرى الاستصحاب كما لا يجرى عند القطع بتبدّله.
هذا و لكن الظاهر مع ذلك كلّه جريان الاستصحاب لوجود الموضوع العرفي و بقائه عرفا
و حيث انّ المعتمد هو الموضوع العرفي فيجري الاستصحاب كما احتمله علم التحقيق و
التقى الشيخ المرتضى رضوان اللّه عليه [1] و ان لم يقوّه، فإنّه
______________________________
[1]. قال في طهارته ص 306 بعد كلام له: و النجاسة الثابتة بالإجماع
لم يعلم ثبوتها لنفس الطفل أو الطفل المصاحب للأبوين فلعلّ لوصف المصاحبة مدخلا في
الموضوع الذي يعتبر القطع ببقائه