المتواترة بأنّ الثواب على سعيه حال الحياة، فإنّ تحصيل الاخوّة للمؤمنين تعريض للنفس في هذه المثوبات.
و أمّا الرواية النبويّة [1]: فهي مسوقة لذكر ما يعدّ عملا للميّت بعد موته من الأفعال المتولّدة من فعله تولّد الغاية، دون الّتي يترتّب على عمله اتّفاقا من دون قصد لترتّبها، فالحصر في الرواية بالنسبة إلى إعمال الميّت المقصود منها الاستمرار بعد الموت، كإعانة الناس بحفر البئر و غرس الشجر و وقف مال عليهم أو إظهار سنّة حسنة، أو ولادة من يستغفر له ممّا يقصد منه البقاء، فهي بمنزلة الأفعال التوليدية للميّت يعدّ عملا له، و الكلام- في المقام- في ما يعمل الغير عنه، كما أنّ ما ورد من أنّ: «من سنّ سنّة سيّئة كان عليه وزرها و وزر من عمل بها إلى يوم القيامة» [2] لا تنافي قوله تعالى وَ لٰا تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرىٰ، [3] و إنّما ينافيه ما يكذب على النبيّ (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم) من أنّ: «الميّت ليعذّب ببكاء أهله عليه [4]» و لذا ردّت عائشة بتلك الآية [5].
و قد خرجنا بإيراد الأخبار المذكورة عمّا هو المقصود في هذه الرسالة من وجوب القضاء عن الميّت مع قطع النظر عن انتفاع الميّت بذلك، و قد عرفت أنّه مجمع عليه فتوى [6] و نصّا [7]، و سيجيء ما يدلّ عليه من النصوص بالخصوص [8].
[1] و هي قوله (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم): «إذا مات المؤمن انقطع عمله إلّا من ثلاث ..»، راجع صفحة 206.