و قال الشيخ إبراهيم القطيفي في مقدمة رسالته: و ان بعض إخواننا في الدين قد ألف رسالة في حل الخراج و سماها قاطعة اللجاج، و أولى باسمها أن يقال:
مثيرة العجاج كثيرة الاعوجاج. و لم أكن ظفرت بها منذ ألفها إلا مرة واحدة في بلد سمنان، و ما تأملتها الا كجلسة، العجلان، فأشار الي من تجب طاعته بنقضها، ليتخلق من رآها من الناس برفضها، فاعتذرت، و ما بلغت منها حقيقة تعريضه بل تصريحه بأنواع الشنع.
فلما تأملته الان مع علمي بأن ما فيها أو هي من نسج العناكب، فدمع الشريعة على ما فيها من مضادها ساكب، و هو مع ذلك لا يألو جهدا بأنواع التعريض بل التصريح، لكن المرء المؤمن يسلي نفسه بالخبر المنقول عنهم (عليهم السلام):
«لا يخلو المرء المؤمن من خمس- الى أن قال-: و مؤمن يؤذيه»، فقيل:
مؤمن يؤذيه؟! قال: «نعم، و هو شرهم عليه، لأنه يقول فيه فيصدق»، و في قوله تعالى «وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا فَإِنَّ ذٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ»، و قوله «وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا لٰا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّٰهَ بِمٰا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ» أتم دلالة، و قد حسن بي إن أتمثل بقول الشاعر عنترة العبسي:
و لقد خشيت بأن أموت و لم تكن * * * للحرب دائرة على ابني ضمضم
الشاتمي عرضي و لم اشتمهما * * * و الناذرين إذا لم القهما دمي
فاستخرت اللّه على نقضها، و ابانة ما فيها من الخلل و الزلل ليعرف أرباب النظر الحق فيتبعوه و الباطل فيجتنبوه، فخرج الأمر بذلك، فامتثلت قائلا من قريحتي الفاترة على البديهة الحاضرة ثلاثة أبيات:
فشمرت عن ساق الحمية معربا * * * لتمزيقها تمزيق أيدي بني سبا
و تفريقها تفريق غيم تقيضت * * * له ريح خسف صيرت جمعه هبا