responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تصحيح اعتقادات الإمامية نویسنده : الشيخ المفيد    جلد : 1  صفحه : 36

و نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ‌[1] و وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اللَّهُ‌[2] و اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ‌[3]


[1] التّوبة: 67.

[2] آل عمران: 55.

[3] قوله تعالى: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ‌ (البقرة: 16) إنّ بلاء الظّاهرية و أعني بهم الغلاة المتمسّكين بالظّواهر المأثورة ليس على الدّين و المسلمين بأقلّ من بلاء الباطنيّة و أعني بهم الغلاة في التّمسّك ببواطن الآثار و اعتبارهم ظواهر النّقل العرفيّة قشورا، و ما هؤلاء و أولئك سوى طرفي إفراط و تفريط في الحقيقة، و أحرى بهم أن يعدلوا عن تطرّفهم و يسلكوا مذهب التّوسّط و الاعتدال، فإنّ للقرآن و الحديث ظواهر مقصودة عند التّخاطب مثل: وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ (البقرة: 44) و أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبا إلى آخره (البقرة: 276) مجمعا عليها بالضّرورة. كما أنّ في القرآن و الحديث ألفاظا لا يراد منها معانيها اللّغوية الأصليّة المبذولة، و إنّما قصد منها معان عرفيّة يتقبّلها عرف التّخاطب على سبيل التّجوّز و التّشبيه كآية:

يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ‌ (البقرة: 20) أو حديث: «الحجر الأسود يمين اللّه في أرضه» فلا ترى العقلاء إلّا مجتمعين على صرف هذه الألفاظ عن مفاهيمها اللّغويّة الأصليّة إلى معان تمثيليّة رائجة الاستعمال في محاورات العرف من كلّ أمّة، فتجد العرف يقولون «فلان نام عن ميراث أبيه و تحزّم لمنازعة السّلطان» أي عمل شبيه عمل النّائم أو شبيه المتحزّم دون أن يقصد النّوم الأصليّ أو الحزام الحقيقيّ، قال الشّاعر:

لا تعجبي يا سلم من رجل‌

ضحك المشيب برأسه فبكى‌

و ليس المشيب في الحقيقة إنسانا يضحك، لكنّه يعمل بالرجل شبه عمل الضّاحك المستهزئ، و كذلك اللّه سبحانه يعمل بالظالمين عملا يخيّل للناظر البسيط غير المتعمّق أنّه عمل المستهزئ بهم، لأنّه سبحانه يوسّع عليهم ابتداء و يملى لهم و يمدهم في طغيانهم حتّى إذا استمرّ طغيانهم و ضاق الذّرع بهم و بظلمهم أخذهم أخذ عزيز مقتدر على حين غفلة و بدون مهلة، فيخال البسطاء أنّه سبحانه يستهزئ بهم أو يمكر في إذلالهم بعد الإعزاز و إسقاطهم بعد الإسعاد و الإمداد، لكنّ الخواصّ من ذوي الألباب يعلمون أنّ إمهالهم بادئ بدء استدراج و إتمام حجّة، ثمّ التّنكيل بهم تأديب لهم و للبقيّة، و يشهد على هذا قوله بعدئذ: وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ ... إلخ. ش.

نام کتاب : تصحيح اعتقادات الإمامية نویسنده : الشيخ المفيد    جلد : 1  صفحه : 36
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست