[2] قوله تعالى: إِنَّ الْمُنافِقِينَ
يُخادِعُونَ اللَّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ إلخ( النّساء: 142) سيأتي
الأصل في آية: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ و نوضّح أنّ العرف من عرب و
غيرهم يتمثّلون في أغلب محاوراتهم استعارة بالعمل عن أشباهه و ما على شاكلته
فيقولون« نام فلان عن حقّه و تحزّم لحقّ غيره» فلا يخطر ببالهم الحزم و المنام
المحسوسان، و إنّما يريدون أنّه يعمل عملا يشبه بالنّائم عن حقّ نفسه أو المتحزم
لخدمة غيره، كما يقال لمن قعد عن طلب نصيبه أو ضيّع فرصة متاحة: لقد كنت نائما أو
غائبا، و إن كان حاضرا واعيا، لأنّ عمله يشبه عمل النّائم و الغائب دون عمل الواعي
الحاضر، كذلك الّذين يتشبّثون لأهوائهم و شهواتهم بدسائس التّمويه و التّطلية و
الحيل الشّرعيّة و التّزوير في التّسمية كأنّهم يمكرون و يخدعون اللّه، ثمّ إنّ
اللّه تعالى في إسقاطهم على غرّة يشبه من يقابلهم بالمكر و الخديعة في حين أنّه
ليس مكرا في الحقيقة، و إنّما هو تأديب بعد استدراج، و بعد إنذار و احتجاج، و بهذه
المناسبة وصف اللّه بأنّه خير الماكرين و خادع المنافقين.
إنّ الماكرين أو الخادعين لا
يعملون لغاية مقدّسة و لا يسبق منهم إنذار لمن في وجههم أو إعلامه لكنّما اللّه
سبحانه يعمل لغاية قدسية كالتّأديب، و يعمل بعد الإنذار و المواعيد لعلّهم يحذرون
و يتّقون، فهي و أشباهها بحسب الاصطلاح استعارة، لكنّ الشّيخين الجليلين حسباها من
المجاز المرسل. ش.
نام کتاب : تصحيح اعتقادات الإمامية نویسنده : الشيخ المفيد جلد : 1 صفحه : 35