responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تحف العقول نویسنده : ابن شعبة الحراني    جلد : 1  صفحه : 73
وفعاله ولكنه إله واحد كما وصف نفسه، لا يضاده في ذلك أحد ولا يحاجه وأنه خالق كل شئ وأنه أجل من أن يثبت لربوبيته بالاحاطة قلب أو بصر [1] وإذا أنت عرفت ذلك فافعل كما ينبغي لمثلك في صغر خطرك وقلة مقدرتك وعظم حاجتك إليه أن يفعل مثله في طلب طاعته والرهبة له والشفقة من سخطه، فإنه لم يأمرك إلا بحسن ولم ينهك إلا عن قبيح. أي بني إني قد أنبأتك عن الدنيا وحالها وزوالها وانتقالها بأهلها وأنبأتك عن الآخرة وما اعد لاهلها فيها. وضربت لك فيهما الامثال، إنما مثل من أبصر الدنيا كمثل قوم سفر نبابهم منزل جدب فأموا منزلا خصيبا [ وجنابا مريعا ] فاحتملوا وعثاء الطريق [2] وفراق الصديق وخشونة السفر في الطعام والمنام [3] ليأتوا سعة دارهم ومنزل قرارهم، فليس يجدون لشئ من ذلك ألما ولا يرون نفقة مغرما ولا شيئا أحب إليهم مما قربهم منزلهم، ومثل من اغتر بها كمثل قوم كانوا بمنزل خصب فنبابهم إلى منزل جدب فليس شئ أكره إليهم ولا أهول لديهم من مفارقة ما هم فيه إلى ما يهجمون عليه [4] ويصيرون إليه. وقرعتك بأنواع الجهالات لئلا تعد نفسك عالما، فإن ورد عليك شئ تعرفه أكبرت ذلك فإن العالم من عرف أن ما يعلم فيما لا يعلم قليل، فعد نفسه بذلك جاهلا فازداد بما عرف من ذلك في طلب العلم اجتهادا، فما يزال للعلم طالبا وفيه راغبا وله مستفيدا ولاهله خاشعا مهتما وللصمت لازما وللخطأ حاذر ومنه مستحييا، وإن ورد عليه مالا يعرف لم ينكر ذلك لما قرر به نفسه من الجهالة، وإن الجاهل من عد نفسه بما جهل من معرفة العلم عالما وبرأيه مكتفيا فما يزال للعلماء مباعدا وعليهم زاريا ولمن خالفه مخطئا ولما لم يعرف من الامور مضللا، فإذا ورد عليه من الامور ما لم يعرفه أنكره وكذب به وقال بجهالته:

[1] كذا. وفى النهج [ من أن تثبت ربوبيته باحاطة قلب أو بصر ] وهو الصواب.
[2] الجناب: الناحية. والريع: كثير العشب. ووعثاء الطريق: مشقته.
[3] في النهج [ خشونة السفر وجشوبة المطعم ] والجشوبة بضم الجيم: الغلظ أو كون الطعام بلا أدم.
[4] هجم عليه أي انتهى إليه بغتة. (*)

نام کتاب : تحف العقول نویسنده : ابن شعبة الحراني    جلد : 1  صفحه : 73
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست