الشَّجَرَةَ تَنْقَلِعُ بِعُرُوقِهَا وَ تَقِفُ بَيْنَ يَدَيْكَ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنْ أَفْعَلُ هَذَا تُؤْمِنُونَ؟
قَالُوا: نَعَمْ نُؤْمِنُ، قَالَ لَهُمْ: سَأُرِيكُمْ مَا تَطْلُبُونَ، وَ أَعْلَمُ أَنَّكُمْ مَا تُجِيبُونَ وَ لَا تُؤْمِنُونَ؟ وَ لَا تَؤُولُونَ إِلَى خَيْرٍ.
فَقَالَ لِلشَّجَرَةِ يَا أَيَّتُهَا الشَّجَرَةُ، إِنْ كُنْتِ تُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ، وَ تَعْلَمِينَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ حَقّاً فَانْقَلِعِي بِعُرُوقِكِ حَتَّى تَقِفِي بَيْنَ يَدَيَّ.
قَالَ: مَا اسْتَتَمَّ كَلَامَهُ حَتَّى اقْتَلَعَتِ الشَّجَرَةُ وَ وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهَا اغْتَمُّوا غَمّاً شَدِيداً، وَ قَالُوا لَهُ: مُرْهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَى مَكَانِهَا وَ لْيَأْتِكَ قِسْماً سَوِيّاً فَأَمَرَهَا بِذَلِكَ فَأَقْبَلَ نِصْفُهَا وَ بَقِيَ نِصْفُهَا قَالُوا: مُرْ هَذَا النِّصْفَ يَرْجِعْ إِلَى الَّذِي كَانَ فِيهِ فَأَمَرَهُ فَرَجَعَ إِلَى مَوْضِعِهِ كَمَا كَانَ.
فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا بِأَجْمَعِهِمْ: تَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِثْلَ هَذَا السِّحْرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): قَدْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِمَا أُرِيكُمْ وَ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي لَسْتُ سَاحِراً وَ لَا كَذَّاباً وَ لَا مَجْنُوناً.
قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ مَا رَأَيْنَا أَعْظَمَ مِنْ هَذَا السِّحْرِ وَ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَشَدَّ تَكْذِيباً مِنْ أَبِي لَهَبٍ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ: يَا مُحَمَّدُ مَا وَجَدَ رَبُّكَ مَنْ يَبْعَثُهُ غَيْرَكَ؟ فَغَضِبَ مِنْ كَلَامِهِمْ وَ قَالَ لَهُمْ: وَ اللَّهِ يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ يَتَقَدَّمُنِي فِي شَرَفٍ، وَ أَنِّي إِلَى خَيْرِ مَكْرُمَةٍ، وَ أَنَّ آبَائِي قَدْ عَلِمْتُمْ مَنْ هُمْ، فَسَكَتَ الْقَوْمُ وَ انْصَرَفُوا وَ فِي قُلُوبِهِمْ عَلَيْهِ أَحَرُّ مِنَ الْجَمْرِ مِمَّا سَمِعُوا مِنَ الْكَلَامِ وَ أَرَاهُمْ مِنَ الْعَجَائِبِ الَّتِي لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهَا
، فكان هذا من دلائله (عليه السلام).
12 وَ عَنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ قَالَ الصَّادِقُ (عليه السلام): لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي طَرِيقٍ مَرَّ عَلَى عِيرٍ فِي مَكَانٍ مِنَ الطَّرِيقِ، فَقَالَ لِقُرَيْشٍ- حِينَ أَصْبَحَ- يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ إِنَّ اللَّهَ (تَبَارَكَ وَ تَعَالَى) قَدْ أَسْرَى بِي فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ