مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى- يَعْنِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ- حَتَّى رَكِبْتُ عَلَى الْبُرَاقِ، وَ إِنَّ الْعِنَانَ بِيَدِ جِبْرِيلَ (عليه السلام) وَ هِيَ دَابَّةٌ أَكْبَرُ مِنَ الْحِمَارِ، وَ أَصْغَرُ مِنَ الْبَغْلِ، خُطْوَتُهَا مَدَّ الْبَصَرِ، رَكِبْتُ عَلَيْهِ وَ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاءِ، وَ صَلَّيْتُ بِالْمُسْلِمِينَ وَ بِالنَّبِيِّينَ أَجْمَعِينَ وَ بِالْمَلَائِكَةِ كُلِّهِمْ، وَ رَأَيْتُ الْجَنَّةَ وَ مَا فِيهَا، وَ النَّارَ وَ مَا فِيهَا، وَ اطَّلَعْتُ عَلَى الْمُلْكِ كُلِّهِ.
فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ كَذِبٌ بَعْدَ كَذِبٍ، يَأْتِينَا مِنْكَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ عَمَّا تَقُولُ وَ تَدَّعِيهِ، لَنَقْتُلَنَّكَ شَرَّ قِتْلَةِ، أَ تُرِيدُ أَنْ تَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا وَ تَصُدَّنَا عَمَّا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا الشُّمُّ الْغَطَارِيفُ؟
فَقَالَ يَا قَوْمِ إِنَّمَا أَتَيْتُكُمْ بِالْخَيْرِ، إِنْ قَبِلْتُمُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَقْبَلُوهُ فَارْجِعُوا وَ تَرَبَّصُوا، إِنِّي مُتَرَبِّصٌ بِكُمْ أَعْظَمَ مِمَّا تَتَرَبَّصُونَ بِي وَ أَرْجُو أَنْ أَرَى فِيكُمْ مَا أُؤَمِّلُهُ مِنَ اللَّهِ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ*.
فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا مُحَمَّدُ إِنْ كُنْتَ صَادِقاً فَإِنَّا قَدْ دَخَلْنَا الشَّامَ وَ مَرَرْنَا فِي طَرِيقِنَا، فَخَبِّرْنَا عَنْ طَرِيقِ الشَّامِ وَ مَا رَأَيْنَا فِيهِ، فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا جَمِيعَ مَا ثَمَّ وَ نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّكَ لَمْ تَدْخُلِ الشَّامَ، فَإِنْ أَنْتَ أَعْطَيْتَنَا عَلَامَةً عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ حَقٍّ وَ نَبِيُّ صِدْقٍ.
فَقَالَ: وَ اللَّهِ لَأُخْبِرَنَّكُمْ بِمَا رَأَتْ عَيْنَايَ السَّاعَةَ، رَأَيْتُ عِيراً لَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ وَ هِيَ ثَلَاثَةٌ وَ عِشْرُونَ جَمَلًا يَقْدُمُهَا أَرْمَكُ عَلَيْهِ عَبَاءَتَانِ قَطَوَانِيَّتَانِ، وَ فِيهِمَا غُلَامَانِ، أَحَدُهُمَا صَبِيحٌ وَ الْآخَرُ رِيَاحٌ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا، وَ رَأَيْتُ عِيرَكَ يَا أَبَا هِشَامِ بْنَ الْمُغِيرَةِ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا، وَ هِيَ ثَلَاثُونَ بَعِيراً يَقْدُمُهَا جَمَلٌ أَحْمَرُ فِيهَا مَمَالِيكُ أَحَدُهُمْ مَيْسَرَةُ، وَ الْآخَرُ سَالِمٌ، وَ الثَّالِثُ يَزِيدُ، وَ قَدْ وَقَعَ بِهِمْ بَعِيرٌ بِمَحْمِلِهِ فَمَرَرْتُ بِهِمْ وَ هُمْ يَحْمِلُونَ عَلَيْهِ حَمْلَهُ، وَ الْعِيْرُ تَأْتِيكُمْ فِي يَوْمِ كَذَا وَ كَذَا وَ هِيَ سَاعَةُ كَذَا وَ كَذَا، وَ وَصَفَ لَهُمْ جَمِيعَ مَا رَأَوْهُ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ.
فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَمَّا مَا كَانَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَدْ وَصَفْتَ جَمِيعَ مَا