فـلا تذمم الدنيا إذا هـي أدبرت * وإن أقبـلت فالحـالتان تـزول
ولا تتركـن النـفس تتبع الهوى * تميـل وعن سبل الـرشاد تميل
وبالصبـر مـرها ثم عظها فإنها * لأمـارة بالسوء وهـي عجول
وخـذ من يد الدنيا الكفاف وصاحب * العـفاف فلا مثل العفاف خـليل
وأقـلل مـن الحرص الذميم تعففا * بصبـر جميل فالمقام قليـل ؟
ألـم تـر إن الـدائرات دوائر * وليـس إلى سبل النجاة سبـيل ؟
وللـدهر سلـب ساء بعـد مسرة * وللخـلق إن طال الزمان رحـيل
دع القـدر المحتوم يجري بما قضى * بـه الله والصبر الجميل جمـيل
وخـل عـنـان الهم إن كنت عاقلا * فـليس يفيـد الثاكلات عويل
فكـم أفنـت الأيـام ملكا ومالكا * فـزال ؟ وملـك الله ليس يزول
لمن وفـت الـدنيا ؟ وما زال خطبها * عـليـنا بخـيل الحادثات تجول
ومـن بـات منها سالما من مصابها * ومـا كف منه الكف وهو طويل ؟
مفـرقة الأخـيار بعد اجتماعهم * وإن طاب منها العيش فهي ملول
بهـا النـفع ضـر والصفاء مكدر * بهـا الحـلو مر والعزيز ذليل
لهـاجرها منـها الهـنا وهو آهل * ويهـلك مهـتم بهـا وأهيل
جعـلت فـدا مـن لا رضوا بنعيمها * ولا دنسـت فيـها لهـن ذيول
ولا عـلقت كـف لهـم بحـبالها * ولا غـرهم فـيها خنا ووغول
لـقد صحـبوا فيـها كفافا وعفة * وزهـدا وتقوى والجزاء جزيل
فهـم أهـل بيـت شرف الله قدرهم * على الخلق طرا ماجد ورذيل[1]
هـم الصـابرون المؤثرون بقوتهم * هـم فـي الندا قبل النداء سيول
هـم الحامدون الشـاكرون لربـهم * هـم للورى يـوم النجاة سبيل
هـم العـالمون العـاملون بلا مرا * عـلومهم فـي العالمين أصول
هـم الـراكعون الساجدون إذا بـدا * ظـلام وليـل العـابدين يطول
هـم التـائبون العابدون أولو النهى * هـم لقـلوب العارفين عقول
[1] بيان للخلق طرا، فهم بين ما جد ورذيل .